الرئيسية » في المكتبات
رواية الواهمة باكورة

الرباط - المغرب اليوم

تعد رواية الواهمة باكورة أعمال الممثلة والإعلامية يسرا طارق، تدخل يسرا عالم الأدب بعد نشاط إعلامي حافل كمقدمة برامج بالقناة الأمازيغية، كبرنامج "نتات" أو "هي"، قبل أن تلج مجال التشخيص السينمائي بأفلام: "ميغيس لمخرجه جمال بلمجدوب، " وداعا كارمن " لمخرجه محمد أمين بنعمراوي، الوشاح الأحمر" و"دقات القدر" للمخرج محمد اليونسي.
تنهض رواية الواهمة على أحداث واقعية شهدتها منطقة الشمال والناظور على وجه الخصوص سنة 1984، حيث عرفت هذه المنطقة تظاهرات نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية، مما أدى إلى رد فعل شعبي قوي، فسوار أو البطلة الساردة في النص تنتمي إلى طبقة اجتماعية وسطى، إن لم نقل ميسورة، فوالدها كان يدير محطة بنزين بعد رحيل صاحبها الإسباني الذي تزامن مع موت الرئيس الإسباني السابق فرانكو، وبعد ذلك توسعت مشاريعه الفلاحية."سوار" عانت من سلطة أبيسية، فصرامة الأب جعلتها لا تخرج إلا لماما من البيت وتكتفي عبر كوة نافذة بالنظر إلى العالم الخارجي، حيث تعرفت على الأستاذ أحمد المدرس، وقد كان صلاح أخوها الأصغر صلة وصل بينها وبين حبيبها أحمد، فقد أدت الظروف القاهرة إلى هروبها بصحبته وجماعة من رفاقه إلى مدينة الرباط عبر وجدة، متخلصة من قهر العقلية الذكورية التي يسلطها أب متحكم في أسرته بسلطة حديدية، مما جعل سوار وأخت لها بالإضافة إلى الأم يعشن خنوعا وقهرا، فكان الخلاص هو مغادرة مدينة زغانغان الصغيرة إلى العالم الرحب، برغم انشدادها إلى حنان أمها وأخيها الذي ذهب ضحية تهمة التحريض والمشاركة في التظارات التي شهدتها منطقة الريف.

وفي مدينة الرباط تزوجت سوار أحمد حيث مارس أحمد مهنة المحاماة وبدأ يتسلق مناصب عبر انتهازية حزبية وصولية، بل أن أحمد المناضل الملتزم الثوري غير مساره ومبادئه وحتى إيمانه بحبه لسوار، وعلامات الخيانة الزوجية بدأت سوار تشعر بها وحز ذلك في نفسها وترك عندها جراحا عميقة.فقد خابت سوار في حبيبها أحمد، وكان ما ظنته حبا مجرد شرنقة حب ومحض خواء، بيد أن إعجابها برجل حياتها وحبيبها المناضل الثوري أضحى ذلك النضال مجرد انتهازية ووصولية، وكان ذلك وهما مضاعفا عاشته البطلة و شكل مادة أساسية لمتن الرواية.في معرض مقاربته النقدية أشار الناقد أسامة الصغير بأن المركز على خلاف الهامش في الرواية، رغم أن الرواية توحد بينهما في مستويات مختلفة من السرد، بدءا من ليلة الميلاد التي تعتبر بؤرة تنطلق منها تداعيات نوسطالجية متراوحة بين تذكر نوسطالجي للماضي وما يقع في الحاضر من خطوط متشابكة، فمحطة سن الأربعين عند المرأة الساردة في الرواية لها حساسية خاصة، فسوار وما يرمز إليه اسمها من مفهوم الدائرة والزمن من جهة ورمزية الحلقة المفرغة من جهة أخرى، وربما يرمز كذلك إلى الدوران في متاهة مفرغة سوار كشهرزاد ريفية تروي حكايتها المثقلة بالأحداث الحزينة وهي تنشد إلى تقاليد وأعراف عانت منها كثيرا من جراء البنية البطريركية للمجتمع، فبالإضافة إلى منطلق الذكورية المستبد. هناك نازع القبيلة والثوابت التقليدانية الراسخة، سوار خرجت عن الطوق وكسرت التقاليد متمردة هاربة باحثة عن ذاتها وحبها خارج منظومة أسرة مغلقة ومدينة صغيرة.

يتراوح السرد بين خصوصية ضمير الأنا وضمير الغائب، كأن هناك تنازعا سرديا بين الضميرين، فسوار أو شهرزاد الريفية تروي حكايتها وتقدم سرديتها بصوتها الذاتي وأناها المتكلمة، فكانت الجدة تشكل مرجعية للحكمة والتراث الشفهي – كما يقول المحلل- مستشهدة على الدوام بمقولة "غالبا ما تأتي الأشياء الجميلة في غير موعدها"، وكانت هذه العبارة تستأنس بها لاجئة لها وهي طفلة ويافعة وزوجة، وبالرجوع إلى معين الجدة انتصار رمزي وتنويري بحكمتها الشعبية، وفي ذات الوقت انتصار لمحلية الهامش.في الرواية ثنائية الموت والحياة وما ترمزان إليه من نهاية واستمرار، حيث موت خالد من جراء مرض السرطان والولادة والحياة من خلال حمل يسرا، فهو مخاض ولادة ومخاض كتابة.إنها رواية الأنثى الواهمة بكل ما تحمل من ألم وخيبة أمل.البطلة "سوار" يخيب ظنها في الحب والأحلام المشتركة التي تقاسمتها مع حبيب العمر أحمد ، كما أن أحمد هذا خيب ظنها وتشوفها لعالم أفضل من واقعها التي عانت منه الأمرين ، وأدى بها إلى التضحية بمصيرها وركوب المغامرة معه نحو المجهول ، بيد أن أحمد المثقف الثوري المتمرد لا يعدو أن يكون انتهازيا ، يمتطي مصعد الأنتهازية السياسة والحزبية للدوس على كل القيم والقناعات التي آمن بها في يوم ما.لا ريب في أن يسرا طارق المبدعة المتعددة المواهب، قادمة بجدارة وإصرار لبصم حضورها كروائية واعدة بمزيد من العطاء السخي والمائز.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الكاتبة المغربية سعاد الوردي توقع رواية "غيرك أضغاث أمواج"

الباحث المغربي حسن قرنفل يطلق رواية «في انتظار العنوان»

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المكتبة الوطنية للمملكة المغربية تستأنف أنشطتها في هذا التاريخ
إصدار كتاب جماعي جديد يتحدث عن قيمتَي الوفاء وحفظ…
"رياح هادئة" تحمل حوارات ياسين عدنان مع فوزي كريم…
إصدار كتاب يرصد علاقة المثقف بالدولة في "العهد الإسلامي"
سيرة التكوين للمفكر سعيد بنكراد سرد ذهني "يحمل الحيرة…

اخر الاخبار

القوات الأميركية تسقط مسيّرة في محيط قاعدة عين الأسد
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يثير مخاوف من اتساع…
نقل خامنئي و أفراد أسرته إلى ملجأ تحت الأرض…
إسرائيل تقلّص قواتها في غزة وتعيد نشرها لمواجهة التهديد…

فن وموسيقى

كندة علوش تكشف عن البدء بمشروع فني جديد وتواصل…
أنغام تُشعل مسارح السعودية وتصف جمهورها بالساحر وتشيد بشركة…
إلهام شاهين تؤكد حبها لدعم الجيل الجديد وتوضح سبب…
هنا الزاهد تُعبر عن سعادتها بتجدّد التعاون مع النجم…

أخبار النجوم

أحمد الفيشاوي يشوّق جمهوره لفيلمه رهبة وراء مصنع الكراسي
يسرا تكثّف ساعات التصوير في فيلمها الجديد "الست لما"
الفنان تامر حسني يكشف مفاجأة عن فيلمه "ريستارت"
تعرض ماجد المهندس لأزمة صحية طارئة

رياضة

فينيسيوس يحذر لاعبي ريال مدريد قبل مواجهة الهلال السعودي
كريستيانو رونالدو يُعلن موقفه النهائي من الاستمرار أو الرحيل…
رونالدو يكشف عن عمله مترجماً لميسي ولا يستبعد اللعب…
المغربي أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا

صحة وتغذية

تناول منتجات الألبان يُسهم بشكل كبير في الوقاية من…
إضافة الأفوكادو إلى نظامك الغذائي يمكن أن تُحسّن جودة…
إضافة بذور الشيا للنظام الغذائي اليومي لتعزيز صحة الأمعاء
متحور نيمبوس الجديد من كورونا تعرف على أعراضه وكيف…

الأخبار الأكثر قراءة