ما وراء بيان إسلاميي المغرب حول السعودية

ما وراء بيان إسلاميي المغرب حول السعودية

المغرب اليوم -

ما وراء بيان إسلاميي المغرب حول السعودية

بقلم - ادريس الكنبوري

بيان حركة التوحيد والإصلاح المغربية يكشف عن موقف التحيز في النزاع القائم بين قطر من جانب، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر من جانب ثان.

استغرب الكثيرون في المغرب وخارجه من صدور بيان عن حركة التوحيد والإصلاح المغربية -الموازية لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة- تدعو فيه إلى الإفراج عن “العلماء والدعاة والمفكرين” الذين اعتقلوا في المملكة العربية السعودية، وتعتبر فيه أن “أي اعتقال لمن لم يرتكب عملا يجرّمه الشرع أو القانون هو ظلم واعتداء وتعسف”.

مرد الاستغراب أن الحركة حشرت نفسها في قضية شائكة تهم منطقة الخليج، وترتبط بمشكلة لها علاقة بمحاربة الإرهاب والتطرف وبالانقسام الحاصل في المنطقة حول طريقة التعامل معهما في المرحلة الراهنة، وبكون البيان يكشف عن موقف التحيز في هذا النزاع القائم بين قطر من جانب، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر من جانب ثان، كما أنه يأتي في مرحلة حرجة تجتازها الحكومة التي يقودها سعدالدين العثماني، ومن شأنه أن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة والعواصم العربية الثلاث، خصوصا وأن المغرب يرتبط بعلاقات جيدة مع هذه البلدان، خاصة السعودية، وهي علاقات تمتد عقودا إلى الوراء، ولم يسبق أن انفرد تنظيم سياسي مغربي بموقف يشذ عن الموقف الرسمي تجاهها. ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه في هذه القضية هو ذاك المتعلق بصمت حركة التوحيد والإصلاح المغربية طيلة الفترة الماضية التي استمرت فيها الأزمة بين قطر والعواصم العربية الثلاث.

فالحركة ما فتأت تعلن في أكثر من مناسبة أنها ضد التطرف والإرهاب، وسبق لها أن أدانت عمليات إرهابية حصلت في أكثر من مكان، وإن لم تعلن موقفها إزاء عمليات إرهابية في بعض البلدان مكتفية بالصمت، ولكنها في الأزمة الأخيرة بين قطر والبلدان العربية الثلاثة التزمت الهدوء ولم تدل بأي موقف، على الرغم من ظهور أدلة تدين الدوحة لدعمها لحركات متشددة في أكثر من منطقة في العالم العربي وأفريقيا، وعلى الرغم من وجود تقارير تفيد بأن المال القطري يلعب دورا محوريا في تأجيج عدد من الأزمات المشتعلة في المنطقة العربية والقارة السمراء، في إطار تسابق الدوحة إلى توسيع رقعة نفوذها، وكسب ولاء الجماعات المتطرفة والتيارات الإسلامية الأخرى. ولكن، إلى أيّ حدّ يترجم بيان الحركة الموقف المبدئي؟ وأين يقف الدين وتبدأ السياسة في بيانها المثير للجدل؟

تنكشف ازدواجية مواقف الحركة من خلال رصد موقفها مما يجري في تركيا. فطيلة عام كامل تقريبا لم تصدر الحركة أيّ بيان حول الأحداث الجارية منذ موقفها المعادي للمحاولة الانقلابية التي وقعت في صيف العام الماضي، إذ رغم حملات الاعتقالات والطرد الجماعي لعشرات الآلاف من الموظفين والعاملين بتهمة الولاء أو الانتماء إلى حركة الخدمة التي يقودها فتح الله غولن، الداعية التركي المقيم في أميركا، لم يصدر عن حركة التوحيد والإصلاح، ولا عن حزب العدالة والتنمية الذي هو الجناح السياسي لها، أي موقف لحد الآن. والسبب واضح، وهو أن التنظيمين لديهما ميل قوي إلى النموذج الإسلامي الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهما لا يريدان الوقوع في الحرج مع نظامه، كما لا يريدان إفساد العلاقات معه، وفي نفس الوقت لا يرغبان في إزعاج يوسف القرضاوي الذي أعلن موقفا غريبا قبل أشهر، حين اعتبر أردوغان خليفة للمسلمين. فالقرضاوي لديه أياد بيضاء على العديد من أعضاء الحركة، من بينهم أحمد الريسوني، رئيسها الأسبق، إذ كان القرضاوي هو من فتح الطريق أمامه نحو قطر، ومهد له السبيل لكسب العضوية في عدد من الهيئات الإسلامية والعلمية في العالم العربي.

الحركة تقول، من خلال قنواتها الجانبية الكثيرة، بأن ما حصل محاولة انقلابية حقيقية وأن حركة فتح الله غولن متورطة فيه، ولكن كان بإمكانها -لو كانت مواقفها مبدئية حقا- أن تصدر بيانا تدعو فيه إلى ضمان المحاكمة العادلة للمعتقلين على الأقل، وتستنكر فيه الاعتقالات العشوائية وتشريد الآلاف من العائلات، وأن تعلن موقفها صراحة بأن “أي اعتقال لمن لم يرتكب عملا يجرمه الشرع أو القانون هو ظلم واعتداء وتعسف”، كما قالت تماما في بيانها حول اعتقالات المملكة السعودية، خصوصا وأن علاقاتها مع حركة غولن كانت قوية في السنوات الماضية، ولعبت دورا مركزيا في الترويج لها بالمغرب، قبل أن يفسد الودّ بين هذه الأخيرة وبين حزب العدالة والتنمية التركي، لتنقلب الحركة على حركة غولن، فالسياسة مفسدة للدين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء بيان إسلاميي المغرب حول السعودية ما وراء بيان إسلاميي المغرب حول السعودية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib