حرب حزب الله المستمرة على لبنان

حرب 'حزب الله' المستمرة على لبنان

المغرب اليوم -

حرب حزب الله المستمرة على لبنان

بقلم - خيرالله خيرالله

استهدف الإعلان عن استشهاد العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى “داعش” توجيه ضربة إلى الانتصار الذي حققه الجيش على الإرهاب والإرهابيين والمتحالفين معهم في معركة “فجر الجرود”.

يأتي على رأس هؤلاء الإرهابيين، والمتحالفين معهم، النظام السوري الذي يتبين كل يوم أنه و“داعش” وجهان لعملة واحـدة، ولا شـيء آخـر غيـر ذلك بعـدما وضـع كل منهما نفسه في خدمة الآخر.

شمل هذا الانتصار الذي حققه الجيش تحديد الحدود اللبنانية في أراض كان النظام السوري يرفض دائما الدخول في أي مفاوضات جدية في شأنها. إنه انتصار حققته المؤسسة العسكرية بدعم من كل اللبنانيين الشرفاء، على رأسهم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الـذي رافق الجنود والضباط إلى أرض المعركة.

إنه انتصار يسعى “حزب الله” إلى تـلافي الاعتراف به بعدما استباح الحدود اللبنانية المعترف بها، رافضا في كل وقت تقديم السيادة الوطنية على كل ما عداها، خصوصا على الرابط المذهبي الذي تذرّع به في البداية من أجل الذهاب إلى سوريا والمشاركة في الحرب على شعبها.

كان على لبنان، من وجهة نظر الحزب، التفاوض مع النظام السوري وإقامة علاقات طبيعية معه متجاهلا كل الجرائم الذي ارتكبها هذا النظام في حق لبنان واللبنانيين. تشمل الجرائم استمرار احتجاز مواطنين لبنانيين في السجون السورية.

كان الأمين العام لـ“حزب الله” السيّد حسن نصرالله يدعو إلى التفاوض “من فوق الطاولة” مع النظام السوري من أجل استعادة العسكريين الأسرى لدى “داعش” والذين يبدو أنّه جرت تصفيتهم قبل فترة طويلة، قبل ما يزيد على عامين.


قام لبنان بما عليه القيام به دفاعا عن حدوده في ظل محاولات مستمرة لتوريطه في الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه والتي قبل “حزب الله”، بناء على طلب إيراني، أن يكون شريكا فيها إلى أبعد حدود.

دخل في هذه الشراكة غير آبه بمصلحة لبنان واللبنانيين. جلب الحرب إلى داخل لبنان بحجة أنه يقاتل “داعش” والتكفيريين. هناك مسيحيون سذج صدقوا أنه لولا “حزب الله” لكان “داعش” في جونيه، في حين أن الحقيقة المرّة تتمثل في أن “حزب الله” بشراكة مع النظام السوري يمنع الجيش من الاقتصاص من “داعش” ومعاقبته على إعدام العسكريين اللبنانيين بعدما منع الحكومة اللبنانية، في مرحلة معيّنة، من التفاوض على إطلاق هؤلاء. في الوقت ذاته، نرى النظام السوري والحزب اللبناني الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، يعقدان صفقات مع “النصرة” و”داعش” في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مشبوهة…

هل كثير على الجيش أن يكون القوّة المسلحة الوحيدة على الأرض اللبنانية، وأن يساعد في نهوض مؤسسات الدولة في مرحلة يحتاج فيها لبنان إلى حماية نفسه من التطورات ذات الطابع المصيري التي يشهدها الشرق الأوسط؟

الجواب، بكل بساطة أن الحرب التي يشنّها “حزب الله” على لبنان مستمرّة. هذه حرب طويلة تستهدف كلّ مؤسسة من مؤسسات الدولة تحت شعار “المقاومة”. يعني هذا الشعار بصراحة، ليس بعدها صراحة، أنّ لبنان يجب أن يكون تحت الوصاية الإيرانية بعد تخلصه من الوصاية السورية في العام 2005 بعد أسابيع قليلة من اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

بعد تمثيلية جرود عرسال التي كانت تقضي بأن تقدّم قوى إقليمية معروفة هديّة إلى “حزب الله” ومن خلاله إلى إيران، جاء دور جرود رأس بعلبك حيث كان “داعش”. استطاع الجيش الانتهاء من المطلوب منه. تحقّق انتصار فعلي على “داعش”. لكن المطلوب كان أن يظهر “حزب الله”، مع الجيش التابع للنظام السوري، كشريكين في معركة لا علاقة لهما بها من قريب أو بعيد.

منذ خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان في مثل هذه الأيّام من صيف العام 1982، هنـاك استماتة لـدى النظام السوري من أجل منع الجيش من أن تقوم له قيامة. سمح حافظ الأسد بدخول عناصر من “الحرس الثوري” الإيراني، انطلاقا من الأراضي السورية، كي يكـون هناك سلاح آخر على الأرض اللبنانية غير سلاح الشرعية اللبنانية. لم يكن اغتيال النظام السوري للرئيس بشير الجميّل في الرابع عشر من أيلول- سبتمبر 1982 غير محاولة لمنع قيام الدولة اللبنانية والخلاص نهائيا من أيّ سلاح ميليشيوي يرث السلاح الفلسطيني الذي جلب كلّ أنواع الويلات على البلد.

صحيح أن شخص بشير الجميّل يمكن أن يكون موضع نقاش طويل، خصوصا في ضوء ظروف انتخابه رئيسا، لكن الصحيح أيضا أن التخلّص منه كان لسبب واحد هو أنّه كان قادرا في مرحلة معيّنة على إعادة الاعتبار إلى الدولة اللبنانية ومؤسساتها، على رأسها الجيش.

ما كان مشروعا للنظام السوري قام على تسليح كل أنواع الميليشيات الطائفية في لبنان، فضلا عن التنظيمات الفلسطينية من أجل تفتيت مؤسسات الدولة، صار مع مرور الزمن مشروعا إيرانيا. حدث هذا التحوّل على مراحل وصولا إلى إصرار “حزب الله” على أنّه شريك للجيش في معركة جرود رأس بعلبك على الرغم من النفي المتكرر للناطق الرسمي باسم المؤسسة العسكرية لذلك.

هناك حزن ليس بعده حزن على كلّ ضابط أو جندي لبناني سقط في معارك الجرود. هذا ليس وقت المزايدة على أهالي الشهداء الذين بقوا متمسكين إلى اللحظة الأخيرة ببقايا أمل بأن تكون هناك وسيلة لإخراج أبنائهم من الأسر.

هذا وقت التأكيد مرّة أخرى أن لا أمل في صمود لبنان في وجه العاصفة التي يتعرّض لها الشرق الأوسط كلّه ما دام هناك شيء اسمه “مقاومة”.

هناك مقاومة وحيدة تستأهل من اللبنانيين كلّ دعمهم. إنّها مقاومة الحرب التي يشنّها “حزب الله” على لبنان من أجل تهجير أكبر عدد من أبنائه، ونشر البؤس في كل قرية ومدينة ومنطقة من المناطق اللبنانية، وتحويل البلد مستعمرة إيرانية.

بدل اللفّ والدوران والسعي إلى حرمان الجيش من انتصاره، وهو انتصار لكل لبنان، لا مفرّ من تسمية الأشياء بأسمائها، أي الإعلان رسميا وعلى أعلى المستويات أن لا مكان في لبنان سوى لسلاح الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى.

بدأت نهاية الدولة اللبنانية مع توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969 مع منظمة التحرير الفلسطينية. هناك حرب على لبنان منذ ذلك التاريخ. تناوب على إدارة الحرب عدد لا بأس به من الأطراف الخارجية، على رأسها النظام السوري الذي لا يزال يحشر نفسه في كلّ موضوع يمكن أن يساهم في الإساءة إلى مؤسسات الدولة اللبنانية. لا تزال على أرض لبنان، بسبب وجود “حزب الله” ونفوذه القويّ، فصائل فلسطينية مسلّحة في المخيمات ولا تزال هناك قواعد لمنظمات فلسطينية تابعة للنظام السوري في قوسايا، في البقاع، وفي الناعمة بين بيروت وصيدا.

أما آن انتهاء عذابات لبنان؟ أما آن وقف الحرب التي يتعرّض لها منذ نصف قرن عقابا على قراره الشجاع برفض المشاركة في حرب 1967 التي انتهت باحتلال إسرائيل للجولان والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وسيناء؟ هل جاء دور العقاب الإيراني للبنان بعدما تناوب على معاقبته عدد لا بأس به من العرب، في مقدّمهم النظام السوري، وإسرائيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب حزب الله المستمرة على لبنان حرب حزب الله المستمرة على لبنان



GMT 12:59 2022 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

ابتسم أنت فى (الهيئة الإنجيلية)!

GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:09 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib