«أنتِ دولة أم حزب»
إيران تعلن تنفيذ ضربة صاروخية دقيقة استهدفت منزل عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيسارية وقوع خمسة انفجارات متتالية لسيارات مفخخة في مواقع مختلفة داخل مدينة طهران وسط حالة من الغموض الملك عبد الله الثاني يؤكد أن بلاده تبذل أقصى الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي لضمان “التهدئة الشاملة” في المنطقة الأردن يطلق صافرات الإنذار وإسرائيل تصعد بغارات جوية على طهران وسط توتر غير مسبوق إيران تُسقط 44 طائرة مسيرة وصغيرة تابعة لجيش الاحتلال وتتوعد برد حاسم على إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي يقصف 11 هدفاً في إيران بينها منشآت نووية ومحطات كهرباء الملياردير إيلون ماسك يؤكد أن خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية "ستارلينك" مفعّلة للشعب الإيراني إنستغرام يتيح للمستخدمين إعادة ترتيب الصور ومقاطع الفيديو القصيرة على الملف الشخصي ميتا تقاضى شركةً تستخدم إعلانات فيسبوك للترويج لتطبيق يُنشئ صورًا عارية مزيفة ويكيبيديا تلغى خطة ملخصات المقالات بالذكاء الاصطناعي بعد سخرية المحررين من الفكرة
أخر الأخبار

«أنتِ دولة أم حزب»؟

المغرب اليوم -

«أنتِ دولة أم حزب»

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

في الجنوب اللبناني، بين ركام البيوت وصور الضحايا، كانت وجوه الناجين من المقتلة أكثرَ رعباً وأشدَّ قساوة، واضحة، مكشوفة، لا يمكنها إخفاء علامات الوجع والقهر والقلق. لم يحتفل أحدٌ بالعيد حتى الأطفال، فالجميع هناك، في شمال النهر وجنوبه، في حالة انتظار. وفي محطاتِ الانتظار، قبل الهزيمة أو بعدها، يبرز التوترُ بكل تجلياته، ويعبّر بأشكال مختلفة عن أسبابه وظروفه، وكل شيء في الجنوب على قلق، كأنَّ الريح تحته.

في ثاني أيام العيد، عادت ابنتي ناديا إلى البيت بعد زيارات لأقاربها في النبطية، حدّثتني عمّا دار بينها وبين طفل من أقاربها، لا يتجاوز الحاديةَ عشرةَ من عمره، سألها الطفل: «أنتِ مع الدولة أم مع الحزب؟». ما روته لي ابنتي في تفاصيله ليس للنشر، لكنَّه يدقُّ ناقوس الخطر، ويستدعي تدخل أطباء وعلماء اجتماع وثقافة وتربية، لتفسير كيف يُمكن لطفل أن يفهم الفرق بين الدولة والميليشيات، ويفضّل الأخيرة، ويحاول إقناع طفلة مثله، بأن «نواف سلام (باد غاي)، بينما السيد بطلٌ مات من أجلنا».

لست بصدد إفشاء حديث الطفلين من باب «خذوا أسرارهم من صغارهم»، لكن ابنتي دافعت عن رئيس الحكومة نواف سلام بوصفه شخصاً صالحاً، في حين حسم الطفل الآخر أن نصر الله هو القائد، لكن في زمن الورم الطائفي، لا يمكن أن ننسب أي كلام أو سلوك إلى الأطفال، فهم راسخون في براءتهم، لكنَّهم قد يحملون العدوى من محيطهم. ومع الاعتداء على العلامة الشيخ ياسر عودة بسبب أفكاره التنويرية وجرأته الاجتماعية، من قبل أشخاص معروفين، يظهر مستوى الاضطراب الذي وصلت إليه الجماعة العقائدية.

قد لا يكون الاعتداء قراراً تنظيمياً، وقد يكون «حزب الله» صادقاً في اعتذاره من الشيخ عودة، لكن الحزب يتحمّل وحده المسؤولية العقائدية والاجتماعية والأخلاقية عن الاعتداء، كما عن كلام الطفل.

فلولا سنوات من الشحن والتحريض ضد كل ما هو مختلف، أدَّى إلى جعله في الثقافة الشعبية والسياسية والعقائدية عدواً وخطراً على العقيدة، لما كان هذا التجرّؤ على رجل دين في وضح النهار، وأمام أعين المارة جميعاً.

وفي السياق ذاته، فإن التعدّي على قوات حفظ السلام العاملة في الجنوب (اليونيفيل) ليس فعل الأهالي وحدهم، كما يدَّعي الحزب دائماً، بل على الأغلب هو فعل مدروس. والأسوأ، أنَّه قد يكون نتيجة صراع بين مراكز القوة داخل الحزب، ومرتبطاً بتصعيد إقليمي.

والسؤال المهم، كيف نجح الحزب، من الناحية الاجتماعية، في دفع «الأهالي» للقيام بهذا الفعل وسواه؟ وكيف تستجيب البيئة الحاضنة لعملية تشويه صورة العلاقة بين الجنوب اللبناني والعالم، وتنزلق إلى فخ تقديمها كأنَّها جماعة خارجة عن القانون والأعراف ولا تجيد حسن الضيافة؟ وكيف يتم تحريضها على التعامل بكل هذه العدائية مع كل مَن ينتقد الحزب أو يعارضه؟

بين تفسير الأسباب المباشرة وغير المباشرة للأحداث الثلاثة، تبرز ضرورة تفكيك الخطاب الاجتماعي والثقافي لـ«حزب الله»، بهدف فهم البيئة الشيعية عامة، وليس فقط البيئتين الحاضنة أو العقائدية، ما قبل مقتلة «حرب الإسناد» وما بعدها، أي بين مرحلتين مختلفتين كانت فيهما مظاهر الغلبة والقوة وخطاب الاستعلاء تتراكم على مدى أكثر من ثلاثة عقود. وكيف يمكن لهذا الحزب أن يستوعب أنه بنى قوته على أوهام، وأن الهزيمة الساحقة وقعت في أسبوع، فأعادت الخطاب إلى المظلومية التاريخية والخوف الوجودي، وربطه بالسلاح، واعتباره جزءاً من العقيدة، ومن يعترض عليه يخالف العقيدة، سواء أكان من أبناء الطائفة، أم من الدولة، أم من المجتمع الدولي.

خلال صعود الجماعات العقائدية وسقوطها، وما بينهما من محاولات الحفاظ على هيمنتها داخل المكوّن الطائفي، هناك إصرار على التمسك بخطاب المقتلة نفسه من دون أدنى مراجعة، وانقياد جامح نحو التوتير والوصول إلى مستوى لا يمكنها فيه السيطرة على ردات فعلها أو انفعالاتها.

ربما نجح «حزب الله»، في مرحلة ما، في تقويض مفهوم الدولة الوطنية داخل البيئة الشيعية، وعزَّز في الوقت نفسه مفهوم الهوية الخاصة الضيقة، وبرَّر تمسكه واحتكاره للسلطة، تحت ذريعة «تمكين الطائفة» و«حماية العقيدة» وربطهما بالسلاح، ومن ثم جعل من هذا السلاح الأداة الضرورية للحفاظ على «دويلة موازية» قوية، بنى أسسها على حطام الدولة الوطنية الضعيفة. إنَّها سرديته الرسمية التي يرويها للصغار والكبار، ويريد إعادة فرضها بالقوة، ويعتدي على مَن يُحاول تفكيكها.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أنتِ دولة أم حزب» «أنتِ دولة أم حزب»



GMT 15:55 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

حرب... حرب

GMT 15:53 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

إيران وإسرائيل... حرب مختلفة

GMT 15:51 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

النقد ونقد النقد للعقل العربي الإسلامي ولكن!

GMT 15:50 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

مقولة «التخادم» الإسرائيلي الإيراني

GMT 15:48 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

الشرق الأوسط الجديد: إنَّه الاقتصاد...

GMT 15:45 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

مخطوطة ديغول

GMT 15:44 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

لا يزال في الخندق

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 11:13 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة
المغرب اليوم - الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة

GMT 14:57 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

بورسيا دورتموند يؤجل تمديد عقود نجومه الأربعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib