سعيد في المدرسة
إيران تعلن تنفيذ ضربة صاروخية دقيقة استهدفت منزل عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيسارية وقوع خمسة انفجارات متتالية لسيارات مفخخة في مواقع مختلفة داخل مدينة طهران وسط حالة من الغموض الملك عبد الله الثاني يؤكد أن بلاده تبذل أقصى الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي لضمان “التهدئة الشاملة” في المنطقة الأردن يطلق صافرات الإنذار وإسرائيل تصعد بغارات جوية على طهران وسط توتر غير مسبوق إيران تُسقط 44 طائرة مسيرة وصغيرة تابعة لجيش الاحتلال وتتوعد برد حاسم على إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي يقصف 11 هدفاً في إيران بينها منشآت نووية ومحطات كهرباء الملياردير إيلون ماسك يؤكد أن خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية "ستارلينك" مفعّلة للشعب الإيراني إنستغرام يتيح للمستخدمين إعادة ترتيب الصور ومقاطع الفيديو القصيرة على الملف الشخصي ميتا تقاضى شركةً تستخدم إعلانات فيسبوك للترويج لتطبيق يُنشئ صورًا عارية مزيفة ويكيبيديا تلغى خطة ملخصات المقالات بالذكاء الاصطناعي بعد سخرية المحررين من الفكرة
أخر الأخبار

سعيد في المدرسة

المغرب اليوم -

سعيد في المدرسة

جمال بودومة
بقلم: جمال بودومة

كنا صغارا وكانت محفظاتنا مليئة بالدفاتر، باستثناء سعيد الذي كان يملك كراسا واحدا يستعمله في كل الحصص: «دفتر خمسين»، مشدودة أوراقه بسلك رفيع. أما عُدّة الكِتابة عنده، فتقتصر على قلم جاف يثبّته على سلك الكنّاش اللولبي. تلميذ متقشف. لا مقلمة ولا قلم رصاص ولا ممحاة ولا أقلام ملونة ولا مسطرة ولا بركار ولا منقلة ولا هم يحزنون… «ستيلو بيك» أسود، رغم أن المعلم يطلب منا استعمال اللون الأزرق، لأسباب مجهولة. كان سعيد يعشق رياضة المشي عكس التيار. حالة الدفتر مزرية، يشبه كناش حسابات في أحد المصانع، نجا بأعجوبة من الحريق. على الغلاف غزالة رشيقة، كُتب اسمها بالعربية والفرنسية. وعلى ظهر الغلاف أرقام بخط رفيع: جدول الجمع وجدول الطرح وجدول الضرب وجدول القسمة… كانت فائدتها عظيمة في تلك السنوات، قبل ظهور «الأورديناتور» و»الأيفون» و»التابلات»!

الغزالة بلا قرون في دفتر سعيد. احترق جزء كامل من رأسها مع بعض الأحرف. الحقيقة أن سعيد هو من حرق الغلاف بشكل متعمد. أشعله بعقب سيجارة كان يدخنها أمام المدرسة في استعراض بطولاته أمام الأقران. سعيد كان «زعيم عصابة» حقيقي، أفرادها من «الكُسالى» الذين يحصلون على أحقر العلامات ويحتلون المراتب الأخيرة دون أن يرف لهم جفن. يفضلون اللعب وارتكاب الحماقات وافتعال المعارك ومعاكسة البنات، يعرفون أن مستقبلهم مضمون في أوراش البناء والأسواق الأسبوعية رفقة حمير تجر عربات… لماذا يضيعون وقتهم مع الدروس المعقدة والمعلمين المملين؟ في أسوأ الفروض سيصبحون «قطاع طرق» محترفين، يأكلون ويشربون على حساب الدولة… في أحد السجون. لذلك كانوا يتدربون على «مستقبلهم»، بشكل من الأشكال. ينجحون عاما ويكررون عامين، مثل سيارة قديمة في طريق صاعدة، ما أن تقلع حتى ترجع إلى الوراء. كانوا يمثلون تلاميذ في طور الانقراض، بعضهم بدأ في حلق لحيته قبل الوصول إلى «الشهادة الابتدائية». لم نكن نجرأ على مخالطتهم، رغم إعجابنا بمغامراتهم، لكننا نعرف أنها تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. أقصى ما كنّا نطمح إليه هو ألا تلحقنا شرورهم، لأنهم قادرون على الأسوأ!
كان سعيد مثل الزئبق، كلما أراد المعلم معاقبته يفلت من يديه. كان ينقطع عن الدراسة لمدة محترمة، وعندما يصل الخبر إلى والده يشبعه ضربا ثم يرجعه إلى الفصل، يلتقي المدير ويستأنف الدروس، قبل أن يغيب مجددا، بعدما يشبع من عصا السفرجل التي تترك بقعا زرقاء على الجسد. الفصل الدراسي كان في الطابق الأرضي، وكلما هم المعلم بضربه، يقفز من النافذة، قبل أن يطلق سيقانه للريح. مرة قرر المُدرّس وضع حد للمهزلة وأغلق كل النوافذ بإحكام قبل أن يتقدم نحو سعيد بعصا السفرجل مع ابتسامة شامتة، لكن سعيد هرب من الباب، بكل بساطة، لأن المعلم نسي إغلاقه، وسط قهقهاتنا. «اللي عندو باب واحد الله يسدو عليه».

والد سعيد يملك محلا لبيع الحطب، يتوافد عليه سكان المدينة في الشتاء كي يشتروا احتياطي الأعواد، في تلك المدينة الباردة. ذات شتنبر، جاء المعلم كي يقتني حصته من الحطب. وبينما كان يتجول بين الجذوع لمح سعيد معلقاً على شجرة، وقد فتح سرواله كما يفعل أي طفل يريد التبول. اقترب منه بغضب كأنه في القسم: «ماكتحشمش، هادي هي الأخلاق اللي كنعلمكم، يا الله انزل من تماك…»… سعيد، الذي استغرب وهو يرى دكان والده يتحول إلى فصل دراسي، لم يتردد في توجيه النافورة في اتجاه المعلم، بلّله عن آخره بأوكسيد الأمونياك، قبل أن ينطّ من الشجرة ويلوذ بالفرار. ولم يعد بعدها للمدرسة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعيد في المدرسة سعيد في المدرسة



GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

GMT 19:59 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 11:13 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة
المغرب اليوم - الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة

GMT 14:57 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

بورسيا دورتموند يؤجل تمديد عقود نجومه الأربعة

GMT 13:01 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

منشئ الصور الجديد من "OpenAI" متاح لجميع المستخدمين

GMT 13:25 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

"OpenAI" تغلق جولة تمويلية بقيمة 40 مليار دولار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib