يكذبون علينا ونصدقهم

يكذبون علينا ونصدقهم!

المغرب اليوم -

يكذبون علينا ونصدقهم

أسامة الرنتيسي
بقلم : أسامة الرنتيسي

يصنفون الكذب  في بعض الأدبيات عدة ألوان. وقد اشتهر اليوم الأول من شهر نيسان (أبريل) على أنه اليوم العالمي للكذب، وعند بعض الأقوام؛ “الكذب ملح الأجاويد”، حتى لم يسلم الشِّعر من ذلك، فقديمًا قال العرب: “أعذب الشِّعر أكذبه”.

لا أنصح لأحدٍ أن يأخذ حذره من كذبة أبريل، لأن أيام الكذب في حياتنا كثيرة، وأصبح الصدق عُملة نادرة.

وعلى ذمة زميل سوداني كان يعيش في لندن، هناك مقولة مشهورة في بريطانيا والولايات المتحدة هي: كيف تعرف أن السياسي يكذب؟ الإجابة: عندما ترى شفتيه تتحركان. وبالمناسبة؛ فالسياسيون مثل المنجّمين، يكذبون حتى لو صدقوا.

للكذب دور كبير في حياة صانعي السياسة في الدول الديمقراطية خاصة، وغير الديمقراطيــــة عامة، حــــــيث أثبتت الأبحاث أن الناخبين يتوقّعون من السياسيـين أن يكذبوا عليهم، بل يطلــــبون مــــــنهم ذلك في بعض الأحيان. وإن برّر السياسيون الكذب في حملاتهم الانتخابية لكسب أصوات الناخبين، إلّا أنهم يمارسون شكلًا من ألعاب الورق التي تتطلب من اللاعب بذل المستطاع لعدم الكشف عمّا بحوزته من أوراق.

يقولون إن السياسي الجيد هو الذي يكذب، ويصر على الكذب حتى يصدقه الناس. ويتعلم السياسيون في علم السياسة بعض المبادئ، منها؛ “ليس من الخطأ أن تكذب، إنما الخطأ أن يكتشف الناس أنك تكذب”.

المواطن تعوّد أن يكون هدفا لشعارات ووعود كاذبة تدغدغ طموحاته وتواسي آلامه، برغم معرفته بالتجربة فإن أكثر هذه الوعود لا تتحقق، لذا فإن الزعيم أو السياسي لا يجد غضاضة في إطلاق الوعود الطموحة، برغم علمه المسبق بعجزه عن تحقيقها، كما أن الشعوب تكذب على قادتها بشعارات؛ “بالروح بالدم نفديك يا زعيم”، وعندما يقع الزعيم في مشكلة لا يجد من يساعده للخروج منها.

دعاة التغيير والإصلاح يهتفون دائمًا: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، ويؤمنون بألّا مكان لليأس في هذه الحياة. تقف على قدميك ساعتين تدغدغ أذنيك وتشنفهما  بحوارات، مع الأسف، تقطر كيدية، وعودة لعصبيات عفى عليها الزمن، وتجاوزتها فضاءات ميادين التحرير والتحرر.

تدهشك ابتسامات خبيثة، تبث سمومها في طريقك، لعلك تقتنع بهراء أصحابها بأن عليك أن تعرف أنه مطلوب منك أن تبقى واقفًا على رؤوس أصابع قدميك، بانتظار أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، مع أنك تعرف أنها غير صادقة.

مقابل هذا، تُثني على صنّاع الفرح والأمل والمنحازين للمستقبل، معتبرًا أن التغيير سُنّة الكون وصيرورته.

تدفعك صرخة حالمين مثلك في “نفق الإحباط واليأس”، فتتألم لأن الجرح تعمق حتى وصل العظم بعد أن تجـــــــاوز اللحم، وباتــــت العقـــــول النيـــــرة أسيرة “مساجلات ومماحكات تسكنها الأربع جهات شرقًا وأخواتها”.

نعم؛ هناك أصوات ظلامية أصابها العطب وأضاعت مشروعيتها، وفعاليات فقدت اتزانها، تعمل على تبديد أجواء البهجة، ويبقى دور المتنورين في مواجهتها ومقاومة برامجها وأهدافها، لا الاعتراف بشرعيتها.

الظلاميون موجودون في كل مكان، يريدون أن يشرعوا قانونًا يقطع أيدي الجائعين، قبل أن يؤمّنوا لهم رغيف الخبز.

في أماكن أخرى، قريبة وبعيدة، نزاعات على مصل داء، ومجاعات تجعل عينيك تذرفان الدم بدل الدمع  عند مشاهدة الأطفال الجياع، والقتل على الهُوية، فلا تطمئن على بيتك وعيالك.

في هذا العالم أشياء كثيرة تدفع إلى الاستسلام، والإحباط البشع واليأس القاتل، لكن يبقى دور صنّاع الفرح والأمل، الذين يعشقون الحياة، ويضيئون الشموع، ويغنون بصوت عالٍ: “لسّه الأغاني ممكنة”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يكذبون علينا ونصدقهم يكذبون علينا ونصدقهم



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 18:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

القنوات المجانية الناقلة لمباراة المغرب والكوت ديفوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib