التاريخ والواقع بين الفهم والتضليل

التاريخ والواقع.. بين الفهم والتضليل

المغرب اليوم -

التاريخ والواقع بين الفهم والتضليل

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، كان البشر يتخاصمون ويتحاربون، فمنتصرٌ ومهزومٌ، وقد تعلم البشر أن يديروا حروبهم بطرائق مختلفةٍ تطورت بتطورهم، وكانت بعض الحروب تخاض على طريقة خسارة المعركة أفضل من خسارة الحرب. التاريخ الحديث والمعاصر مليء بالنماذج والأمثلة التي تؤكد هذه الفكرة، وأوضحها وأكثرها دلالة على هذا المعنى حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، حيث حشدت دول العالم ومعها الدول العربية وغيرها من الدول كل إمكاناتها للقضاء على الاتحاد السوفييتي وإضعافه.

مبدأ أيزنهاور في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي كان «الإيمان ضد الإلحاد»، وجرت حرب أفغانستان أو «الجهاد الأفغاني» ضمن هذا المبدأ، وكان الاتحاد السوفييتي يستهدف الأديان، ويسعى لإسقاط الملكيات والأنظمة الرأسمالية حول العالم، قادت أميركا تحالفاً دولياً حقيقياً وعملياً، وكانت الأموال تتدفق من دول المنطقة، وكانت الأسلحة السوفييتية تأتي من مصر السادات، وكانت تصل إلى ضياء الحق في باكستان.

آنذاك كان تجنيد الشباب للحرب يتم في غالب الدول العربية والإسلامية، وكان واضحاً أن هذه المنظومة ستخلق تطرفاً إسلامياً جديداً، وهو ما خرج في تنظيم «القاعدة» وغيره، ولكن سياسياً، من يقارن خطر الاتحاد السوفييتي بخطر الإرهاب؟، خطر الإرهاب، آنذاك، صغيرٌ جداً مقارنةً بخطر الاتحاد السوفييتي. تتحدث دول العالم ومراكز أبحاثه ووسائل إعلامه، عن الخطر الذي يمكن أن يخرج من سوريا بعد سقوط نظامها السابق، وترصد بعض الفئات بالأسماء والجنسيات والعقائد، وهو خطرٌ حقيقيٌ لا علاقة له بدعم الدولة السورية الجديدة، ولكنه خطرٌ صغيرٌ يمكن التغاضي عنه لمصالح أكبر واستراتيجيات أوسع في صالح المنطقة والعالم. مروجو الأوهام في منطقتنا سياسياً وثقافياً وإعلامياً، ما زالت لهم رايات تسوقهم وأدواتٌ تزينهم، فهم لا يذكرون الحقائق للناس وإنما يروجون لديهم ما يشبه الحقيقة، ويكابرون على المعلومات والأرقام والحقائق لتسويق موقفٍ آنيٍ أو سياسةٍ لحظيةٍ، وهو أمرٌ لا يمت للتحليل السياسي أو للمنطق العلمي بصلة.

التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن رصد التشابهات بأحداثٍ قريبةٍ ماضية يوقظ الفكر ويدعو للتأمل، والشعوب المغيبة عن الواقع بالدعايات السياسية والأيديولوجية لا تستطيع إدراك حقيقة ما يجري في الواقع، ولا معرفة حجم المخاطر حتى تقع الكارثة.

في تاريخنا العربي الحديث والمعاصر، ثمة نموذجان شهيران للدعاية السياسية الكاذبة كذباً أبقع، أولهما هو أحمد سعيد مذيع إذاعة صوت العرب، والذي كان يكذب على ملايين المستمعين العرب في لحظة الحرب في 5 يونيو 1967 عبر إذاعته، ويزعم انتصاراً مصرياً في حين أن الهزيمة كانت ساحقةً على الأرض، وهو خطأ النظام السياسي أكثر منه خطأ مذيعٍ ولكنه التاريخ ورمزياته، حتى فوجئ العرب جميعاً بالحقيقة. وثانيهما هو محمد الصحاف، وزير خارجية وإعلام العراق زمن صدام حسين 2003، والذي كان يدعي النصر ودحر العلوج حتى آخر لحظة من دخول قوات التحالف والقوات الأميركية إلى بغداد، حيث فوجئ الشعب العراقي والعربي بالهزيمة النكراء التي قضت على نظامٍ سياسيٍ حكم العراق لعقودٍ من الزمن.

ما تقدم يدعونا دوماً لقراءة الواقع وتحليله والاستفادة من دروس التاريخ، من أجل مواقف ثابتة تنطلق من رؤى موضوعية واضحة، تجاه واقعنا وقضايانا الراهنة، ومستجدات إقليمنا، وضمن هذا السياق، رفضت دولة الإمارات ودول الخليج العربي، وبشكل قاطعٍ، الاعتداءات الإسرائيلية على إيران، الدولة المجاورة والتي باتت تربطها بها معاهداتٌ واتفاقياتٌ مع حسن جوارٍ طويلٍ، وهي ترفض هذه الاعتداءات الإسرائيلية بناءً على موقفٍ ثابتٍ لها في دعم الاستقرار السياسي، ورفض التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول في المنطقة والعالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ والواقع بين الفهم والتضليل التاريخ والواقع بين الفهم والتضليل



GMT 18:02 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

حلبة من دون حبال

GMT 17:58 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

لماذا لم تتعلم إيران من درس حزب الله؟!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

GMT 17:53 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

خامنئي ونتنياهو ومفاتيح ترمب

GMT 17:51 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

من هو والد الشرق الأوسط؟!

GMT 17:50 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

هل ستكون الحرب الأخيرة؟

GMT 17:48 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

ما البديل أمام «حزب الله»؟

GMT 17:47 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

الحرب النفسية والإعلام!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib