شاويش الفكر

شاويش الفكر

المغرب اليوم -

شاويش الفكر

سمير عطاالله
سمير عطاالله

المسافة قصيرة جداً بين 28 سبتمبر (أيلول) و6 أكتوبر (تشرين الأول). وفاة جمال عبد الناصر في آخر قمة له حول القضية الفلسطينية، واغتيال أنور السادات في عز استعراض الانتصار العسكري الوحيد في حروب الدول العربية مع إسرائيل. خمسون عاماً والخلاف لا يزال مستعراً بين فريقين: واحد يبالغ في تصوير الهزيمة، وواحد لا يرى أهمية للنصر

. والحقيقة الموضوعية ليست عند هذا، ولا عند ذاك. الحقيقة أن مصر (والعرب) هم الخاسرون؛ لأن الفريقين يُحوِّلان التاريخ إلى حلبة ملاكمة، بدل إبقائه قاعة محاضرات ودروس وأبحاث. والحقيقة الأهم أن الفريقين يسيئان، في هذا الصراع الأعمى، إلى معنويات وسمعة وكرامة الفريق الأكثر أهمية، أي جيش مصر.

بدل أن يُترك للمؤرخين والمفكرين والخبراء والعلماء، تقييم أهم موعدين في تاريخ مصر الحديث منذ وصول محمد علي، يتولى الأمر جلاوزة وشتّامون وفتوات منفوخون بالحقد والكره ومصابون بمرض الاستسهال اللفظي، والمسألة أعلى بكثير. ويفهم المرء أن يدخل الجميع في الجدل الحامي بعد سنين على غياب الرجلين وغليان المشاعر العاطفية في الاتجاهين، أما بعد نصف قرن، فإن هذا المستوى من الدفاع والهجوم، فلا يليق بالرجلين ولا بالموعدين. لقد خرج 6 ملايين مصري في وداع عبد الناصر، أكبر جنازة في التاريخ، ولم يعد الرجل في حاجة إلى شتام إضافي أو إلى شاويش فكري. ونقل السادات مصر من أحزان النكسة إلى عملية عبور نادرة في الحروب. العداء له ليس عداءً وطنياً، بل سياسي. والنقاش معه ليس في 6 أكتوبر، بل في كامب ديفيد. ويقتضي التاريخ، واحترام كرامة مصر، الفصل بينهما.

لا يجوز أن تبقى مصر (والعرب) في نزاع نفسي وروحي حول أهم مرحلتين قوميتين ووطنيتين في تاريخها. كأنما الهزيمة تلغي السد العالي والسويس، أو كامب ديفيد تلغي أن انور السادات كان خَلَف عبد الناصر المعيَّن ورفيقه منذ 23 يوليو (تموز)، أو قبلها أيضاً.

لا شيء في الدنيا موصول مثل التاريخ، مهما انقطع وتقلّب. أنا لا أقول إنه يجب الامتناع عن الكلام أو مناقشة المرحلتين، أنا أقول إن الفكر الموبوء لا يكف عن تحطيم مصر وتخليد أخطائها وإهمال منجزاتها ومعالم قوتها. فالبقاء في هذا المزاج الانهزامي البائس أسوأ من البحث عن إنجازات كاذبة.

بعد 5 يونيو (حزيران) أمضينا أياماً وشهوراً وسنوات في «النقد الذاتي» بحيث لا بقي نقد ولا ذات ولا جيش ولا مشير. ولم نتوقف حتى مع ذلك العبور العظيم. ولا نزال. آن الوقت لأن يتولى تاريخ مصر مؤرخوه ومفكروه. الشاويش إسماعيل ياسين سيما وزنبليطا. الحقيقة في مكان آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاويش الفكر شاويش الفكر



GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib