الزمان 24 ساعة

الزمان 24 ساعة

المغرب اليوم -

الزمان 24 ساعة

سمير عطاالله
سمير عطاالله

في مكتبة كل منا قسم، أو جناح، للآثار العربية الكبرى، نعود إليها دائماً، في بحث أو متعة أو من باب الإفادة في الاستعادة. وهذه الآثار مهولة العدد. وما أقصد منها، فقط على سبيل المثال، مؤلفات الجاحظ، أو «لسان العرب»، أو «رحلة ابن بطوطة»، أو «وفيات الأعيان»... أو غيرها.

وكلما عدت إلى عمل من هذه الأعمال أتساءل، في ذهول: كم كان عدد ساعات اليوم في زمن أولئك السادة؟ هل يعقل أنها كانت 24 كما هي اليوم؟ كيف كانوا يقومون بأبحاثهم، أو كم كان يستغرقهم من الوقت مجرد النقل أو النسخ أو الجمع؟

في عصرنا هذا، أولاً الكهرباء متوفرة؛ أي إن نهار القراءة والكتابة يمكن أن يكون طويلاً. والمكتبات العامة على بعد مسافة قليلة منا. أضف إليها اليوم الكومبيوتر الذي بين يديك. وإذا كنت أستاذاً جامعياً فسوف يكون من السهل عليك الاستعانة في البحث بفريق من تلامذتك. فلنتخيل إذن أن ابن منظور محوط بكل هذه التسهيلات، فكم من الوقت يحتاج لإنهاء «لسان العرب»، أو هل من الممكن إنجازه؟

لا تحتاج اليوم إلى جميع ما جمع ابن منظور. لا يلزمك أن تعرف عشرين أو ثلاثين شيئاً عن كلمة «خصب»، وكيف يتغير معناها مع تغير كسرة أو فتحة أو ضمة. ولا من الضروري أن تحفظ ما أنشده زهير، وما قال الليث، ولا مفردات الكسائي. ولكنها أمامك إذا شئت، أبواباً وفصولاً وأسانيد وشرحاً وشعراً ونثراً وتفصيلاً.
كيف كان يعمل العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، في جمع تحفته الخالدة؟ كم كنت أتمنى لو كان في عصره إمام في مثل طاقته، يضع لنا مؤلفاً عن قصة وضع «لسان العرب».
إن هؤلاء السادة من علمائنا لسحرة حقاً. في مقاييس العلوم الحديثة لم يكونوا دائماً على صواب أو دقة. وعندما كان الجاحظ يحتار في حقيقة ما، في وصف «الحيوان» مثلاً، يسارع إلى التشديد على ضعف التأكيد. وتجاوزه القزويني بمسافات في تعداد وصف الحيوان في كتابه «عجائب المخلوقات» وهو من عجائب التأليف أيضاً.

لم يترك شيئاً هذا الرجل الذي ولي واسط والحلة، لم يكتب لنا عنه... الفلك، والطبيعة، والنبات، والبرق والرعد، والجبال والسحاب والضباب، والكواكب والمجرة التي تسميها العرب «أم النجوم» لاجتماع النجوم فيها.

وتحدث عن خسوف القمر، وقال إن سببه توسط الأرض بينه وبين الشمس فيقع في ظل الأرض. وقال إن أطول نهار في السنة يقع في 17 يونيو (حزيران)، فيكون شروق الشمس 15 ساعة، والليل 9 ساعات. وليعذرني كاتبنا العجيب، فهو لو عاش في زمن الروائي الروسي دوستويفسكي، وقرأ قصته «ليالٍ بيضاء» لعرف أن الشمس في بعض روسيا لا تغيب ثلاثة أيام بنهاراتها ولياليها. ولو عاش في زمننا لشاهد كيف يلتقي الليل بالنهار في الطريق من لندن إلى نيويورك. وهذا لا يقلل شيئاً من أهمية، أو متعة، «عجائب المخلوقات». والعجيبة الكبرى أين عثر القزويني على كل ذلك الوقت «ما دام الزمان 24 ساعة - لا تزيد ولا تنقص»؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزمان 24 ساعة الزمان 24 ساعة



GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib