أم أقوى من النكبتين
وسائل إعلام إسرائيلية تقول إن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ جديدة من إيران، و يُطلب من "الإسرائيليين تقليل حركتهم ودخول المناطق المحمية فور تلقي الإنذار في الدقائق المقبلة . استهداف مباشر لمقر الحكومة الاسرائيلية في تل ابيب وسقوط قتلى ، ومسيّرات إيرانية تعبر سماء لبنان باتجاه الداخل و محاولات فاشلة لإسقاطها. تم الإبلاغ عن سقوط العديد من الصواريخ الباليستية في جنوب إسرائيل، ومن المرجح أن تكون حول بئر السبع أو إيلات. شركة مصر للطيران تطلب 6 ست طائرات إضافية من طراز "إيرباص إيه 350-900" إلغاء 20 رحلة جوية من إلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان هبوط أول رحلة طيران تعيد إسرائيليين إلى بلادهم في مطار بن غوريون شركة ميتا تعبر عن قلقها من مطالبة إيران مواطنيها بالتوقف عن استخدام واتساب دونالد ترمب يلمّح إلى تمديد المهلة أمام مالك تيك توك لبيع التطبيق الصيني عائلة الرئيس الأميركي تعلن عن إطلاق "ترمب موبايل" بسعر 499 دولاراً ولا يمكن تصنيعه إلا خارج أميركا مبعوث إيران في الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بالهجوم دون مبرر واستهداف المدنيين دون إنذار
أخر الأخبار

أم أقوى من النكبتين

المغرب اليوم -

أم أقوى من النكبتين

سمير عطاالله
سمير عطاالله

نكبت أم الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (1844 - 1900) مرتين؛ الأولى عندما بلغها أن ابنها المفكر والأستاذ الهادئ أعلن إلحاده. والثانية عندما أبلغها الأطباء أن الابن دخل في متاهة عقلية سوف تستمر في التدهور ولا خروج منها.

أدركت الأم أن ثمة أماً واحدة في الحياة، وأن الابن الذي أغضبها في إلحاده ليس له أحد سواها. ولم يكن عليها العناية به كابن، بل كمريض أيضاً. وقد أسر ألمانيا مشهد تلك المرأة المسنة تقود مريضها في النزهات، أو تتلو القصائد التي تذهله، في محاولة منها لإبقائه منشغلاً. وفيما يتفوه أحياناً ببعض الجمل الغريبة وهو يمشي بين الناس الذين يحدقون إليه بفضول، تبقى أمه راضية طالما لا يحدث أي فضيحة.

في المنزل، بطبيعة الحال، يسهل الاهتمام به وحصره. فهي إما تجده جالساً أمام البيانو، غائب العقل حاضر الجسد، وإما تعطيه ما يقرأه ولكن طبعاً، ليس لنيتشه أدنى فكرة عما يقرأ، ولكن مجرد حمل الكتاب أو الصحيفة وتمتمة الكلمات يسكن من روعه. وإن وقعت يداه يوماً على قلم، تنتابه ذكريات داكنة تلمح له بأنه كان يوماً كاتباً، فيشرع في خربشة الكلمات غير المفهومة على ورقة تلو الأخرى. وكان الشاعر والموسيقي ما زالا حيين في داخله، ولكن لم يبق سوى طيفهما. وحسب أمه، هو يُكثر الكلام، ولكن غالباً ما يكون كلامه فارغاً من المعنى. تُخبر الأم كل ذلك صديقتها بطريقة مؤثرة للغاية، فهي تحاول أن تنقل بأسلوب الأقصوصة البسيط ما يحدث معها ومع ابنها من دون أن تشوه صورته بقدر المستطاع. بل تتحفظ عن ذكر الأحداث القاسية وتجمل الواقع متحدثة عن «الابن الصالح» صاحب «الوجه المنير والنظرات الحذقة»... ولا يفضح ألمها سوى تلك التنهدات المتقطعة التي تخبر عن العبء العظيم الذي تحمله تلك المرأة على كاهلها في الاهتمام بابنها ومراقبته وغسله وإطعامه وإلباسه من دون أي مساعدة، لأكثر من اثنتي عشرة ساعة يومياً، ومن ثم الانصراف إلى الأعمال المنزلية، لسنة، وسنتين، وخمس سنوات، مضحية بحياتها في سبيل تعافٍ وهمي، من دون ساعة حرية ولا لحظة راحة. ولكنها تعزي نفسها بوجوب «الصبر والثقة بأمانة نعمة الله وعظمة رحمته».

ولكن، في نهاية المطاف. لم يعد بإمكان الأم أن تخدع نفسها. ففلذة كبدها يذوب أمامها. قواه تنزف والتعب ينتابه. حتى أنه لم يعد يذهب في نزهات سيراً على الأقدام. بل يلازم كرسيه بعينين مثقلتين. وبكلماتها، «لم يعد يركب جملة واحدة. هو ينهار جسدياً. ومنظره مبكٍ». لم يعد حتى يتعرف إلى يديه، وكأنه فقد هويته إلى غير عودة. وفيما يهم أهله وأصدقاؤه بزيارته، يذهب مجهودهم سدى. لأنه لم يعد يتعرف إلى أي منهم.

أكبر العقول الذي جمع أعمق معرفة بأبرع طرق التعبير تقضي على كيانه بكتيريا صغيرة، وتمحي قوته الابتكارية وتعدمه. هو سرٌ، هو لغزٌ، لم يترك فقط أم الرجل المسكينة منذهلاً، بل أدهش العقول. ولكن ما يثير العجب هو مثابرة تلك الأم البطولية التي لم تتوان عن الاهتمام بابنها متمسكة باحتمال المعجزة الضئيل بصبرٍ ووداعة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم أقوى من النكبتين أم أقوى من النكبتين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib