حرائق الخضراء

حرائق الخضراء

المغرب اليوم -

حرائق الخضراء

سمير عطاالله
سمير عطاالله

أتابع أخبار تونس وحرائقها بالكثير من المشاعر الشخصية، وليس المحايدة. تونس هي أقل بلد عربي عرفته، أو أقمت فيه، أو غطيت أحداثه. لكن طالما ملأتني الأحاسيس حيالها. دعك من التاريخ الميت حول أن قرطاج اللبنانية هي التي أسست تونس. هذه أشياء لا تعني لي أكثر من صفحة في تاريخ شعبي. أو أكثر من تغريبة بني هلال وهجرتهم من نجد إلى تونس بحثاً عن الخضرة والمياه.

ربما ما ربطني بتونس فرادتها كدولة عربية. طردت الاستعمار ولم تغرق في الفساد. طردت الاستعمار وجعلت التعليم إلزامياً. وأحب بورقيبة الناس أكثر مما أحبوه. وعاش ومات بسيطاً. لكنه كان من كبار المثقفين العرب، وأحاط نفسه بكبار مثقفي تونس. وطالما جاهد لكي لا تغرق بلاده في مستنقعات الخلاف العربي وأعراض الجنون.
ثاني أشهر تونسي كان محمد بوعزيزي، الذي أحرق نفسه لأن شرطية منعته من بيع الثمار ضمن ممنوعات البلدية. كل ما كان يريده هو ثمن وجبة العشاء. لم يكن يحلم بعزل بن علي ولا بإشعال الربيع العربي ولا الشروع في ثورات لا تعرف كيف تستمر أو كيف تنتهي.

التونسي الراقي الآخر، كان بن علي، مدير الشرطة السابق ووزير الداخلية الذي انقلب على بورقيبة لما بلغ من العمر عتياً. لم يعرض تونس للخراب. لم يخاطب الناس كجرذان وجراثيم. جمع ما يملك وترك البلد أمانة للجيش ومشى.

كان نظامه شديداً وحاداً ومغلقاً. وهذا أمر لا يطيقه المثقفون. لكن بعد ذهابه تبين للجميع أن عهده كان الأكثر ازدهاراً اقتصادياً والأكثر أماناً واستقراراً. وكم مفجع أن يموت بوعزيزي جوعاً وفقراً لأنه لم يتقبل الإهانة من امرأة. ولو شرطية.

بسبب سفر بن علي المبكر، كانت مضار الربيع في تونس الخضراء أقل من سواها. لا «غزوة الجمل» في مصر، ولا العنف المرضي في ليبيا (حكومة ومعارضة ومن أنتم)، ولا حريق سوريا الذي بلا نهاية.

لكن هذا لا يمنع أن تونس دخلت مرحلة الاضطراب والانقسامات. وكما في مصر وسوريا وليبيا، برز «الإخوان» كقوة تسعى إلى الحكم والسلطة. ومنذ عشر سنوات وصراع القوى يشتد ويراوح وتتغير موازينه. ويخفف من الحدة وجود برلمان حيوي يعبر عن آراء الناس ويحول دون انزلاق تونس إلى قبضة «الإخوان».
لذلك، المظاهر الخارجة من تونس هذه الأيام موجعة. والدكتور الغنوشي يقول إن الأسباب اقتصادية ومعيشية. ماذا كانت أسباب بوعزيزي قبل عشر سنوات، فكرية؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرائق الخضراء حرائق الخضراء



GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib