الثقة الهاربة

الثقة الهاربة

المغرب اليوم -

الثقة الهاربة

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

من الصعب أن تكون صحافياً في بيروت، هذه الأيام، وتكتب عن أحداث أخرى. ومن الصعب أن تكون لبنانياً تمرّ أمامه هذه المشاهد، ويمكنه التفكير في قضايا أخرى. فمنذ أربعة أشهر، ولبنان يغلي ويقترب من جميع حافّات الانهيار، المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. طرقاته مقطوعة، ومؤسساته مغلقة، وإفلاساته كثيرة، وهجرته مؤلمة، وجيشه في الطرقات يحاول ما يستطيع، ضبط سلامة الناس وسلامة البلد. والسلطة تتفرّج مثلنا تماماً، نحن العاجزين عن أي شيء سوى المشاهدة. لكنّ الفرق بينها وبيننا، أنّنا نتألّم ونشعر ونحسّ ونخاف ونأسف، وهي تكتفي بما اكتفت به على الدوام: حسن المتابعة.

المشكلة في تظاهرات أمس، أنّ الحراك الشعبي ذهب إلى العنوان الخطأ. فقد اعترض المتظاهرون على نوّاب هم مَن انتخبوهم. وضربوا حصاراً هائلاً حول برلمان لا يزال، هو ورئيسه، المرجع الصالح الوحيد والمتوازن في غمرة هذا الحراك العارم والثورة اليائسة والمنظومة السياسية القاصرة عن إدراك الهاوية التي دفعت البلد إليها. كان عنوان تظاهرات أمس، الثقة ومنعها عن الحكومة. لكنّ الحقيقة أنّ لا ثقة في أي أحد، أو في أي شيء. ولا مرجعية يعود الناس إليها بحثاً عن شيء من الطمأنينة، وإنما حالة انهيار كامل تقابله سلطة غائبة غياباً تامّاً. لعب رئيس البرلمان، نبيه برّي، في أحلك الساعات، دور الوسيط العاقل عندما يفقد السياسيون توازنهم، كما أظهر الشجاعة والحكمة كلّما تزداد الخفّة الوطنية وقباحة الأنانيات. والمعركة التي جرت أمس حول موضوع الثقة بين المتظاهرين وبينه، فيها شيء من التعميم غير العادل. وليس من المنطق أو العقل أن يبقى لبنان معلّقاً هكذا بين ثورة الحقوق وغفلة السلطة. لا بدّ من حكومة، ولو ضعيفة. ولا بدّ من مرجع سياسي، ولو افتقر إلى التمثيل الوطني في مثل هذه اللحظة الحرجة. ولا بدّ أيضاً من هدنة ينصرف فيها ما بقي من مؤسسات، إلى الحفاظ على ما بقي من أمل.
يقول اللبناني في نفسه، وأحياناً في العلن، إنّه أفضل من أشقائه في العراق مثلاً، حيث يُرشق المتظاهرون بالرصاص بدل مياه الخراطيم. ولكنّ اليأس واحد في كلّ الحالات والفارق أحياناً هو حجم الفساد، الذي يتعدّى المليارات في بيروت وبغداد. وما من أحد لا يعرف أسماء الفاسدين وأحجام السرقات، لكن يبدو أنّ الوحش الأقوى هو تكتّل الفاسدين المتجذّرين في جميع الهياكل العامّة. ومعظم الذين يعلنون الحرب على الفاسدين، هم من أركان الفسق الوطني والاعتداء على حقوق الناس، واستغلال الجماعات الطيّبة لغايات شخصية رخيصة ومفضوحة. لعلّ ما يجري من محاكمات وأحكام في الجزائر ومصر، يفتح نافذة صغيرة من أجل استعادة الثقة، ليس في البرلمان، وإنما في جميع مؤسسات الدولة اللبنانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقة الهاربة الثقة الهاربة



GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة

GMT 02:27 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

"هاتف الكلب" ابتكار جديد لتخفيف شعور الوحدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib