عند الصباح «حَيدروش»

عند الصباح: «حَيدروش»

المغرب اليوم -

عند الصباح «حَيدروش»

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كما أشرت في حلقة سابقة، لاحظتُ أن ثمة شبهاً بين معرفتي في أمور التنجيم، والمعارف الجمة التي أظهرتها السيدة المشاركة بأحد برامج «العربية»، ومعظم ما أعرفه في هذا الباب وما ترسّب في ذاكرتي هو من أيام القرى. ولئن كنت أشعر بحنين دائم إلى الطفولة والقرية، فإنني أضحك كثيراً من تلك الرواسب التي عرفناها أطفالاً. وكثير من تلك الخرافات التي رافقت أجدادنا، واستمرت إلى زمن غير بعيد، كان قاسياً في حق الناس، وفي حق المولودين بعاهة جسدية. وقد كان من باب الشؤم مثلاً التصبُّح بأحد هؤلاء، أو بقطيع من الماعز، أو برؤية غراب. وكان إذا وقع ذلك لأحد، فإنه يعدل عن السفر، أو عن عمل كان ينوي القيام به.

ولم يكن القرويّون يقصّون شَعر طفل في نَقْصَةِ القمر، بل في زَوْدَتِه، اعتقاداً أن ذلك يمنحه شَعراً كثيفاً، كما كانوا يمتنعون عن تَشْحِيلِ الشجر في مثل هذه الحال. وإذا شاهدوا هرة تغسل وجهها استبشروا بقدوم ضيف عزيز، وحتى الآن إذا انكسر إناء قالوا «انكسر الشر»، حتى لو كان هذا الإناء من أجمل الصناعات.

وكنا نتجمّع في الساحة لرؤية النجوم ونمتنع عن عَدّها؛ لأن ذلك يبعث الثؤلول في الأصابع. وإذا شاهدنا نَيْزَكاً ينقضُّ من أعالي السماء، ثم يختفي، فإنه يُقال إنه حمل معه روحاً ما. وكانت إذا دخلت سيدة في مخاض ولادة عسير، وصرخت من الألم، فإن جيرانها يحاولون مساعدتها بالدق على الدفوف.

إضافة إلى ترسّخ حكايات الضَّيعة، كان يأتينا غالباً رجال من بلد غير لبنان، يدّعون المعرفة بالطب، وحل القضايا المستعصية، وأغلبهم كانوا يتّكلون في ذلك على أصدقاء لهم قادرين على المعجزات لارتباطهم بقوى خارجية أشهر أصحابها «عيتروش» و«حَيدروش» و«طحبوش»... والأقل قدرةً كان الثلاثي «حيدران» و«جيدران» و«عيتران».

لا أدري إن كانت السيدة المشاركة في البرنامج الممتع قد وصل إليها شيء من تلك البدائع والروائع. غير أنها كانت تدافع دفاعاً شرساً عن قناعاتها، وتكاد تَعُدُّ الشك في «عيتروش» و«حَيدروش» ضرباً من الجهل والتعدي على ذلك العالَم الذي لا تزال تعيش فيه.

بعد كل ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أن جانباً كبيراً من آمِلِي العلم والمعرفة يضعون المسألة في موضعها الحقيقي، ويغدقون عليها الجديّة والاحترام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عند الصباح «حَيدروش» عند الصباح «حَيدروش»



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تسجل تراجعًا في قيمة التداول بنسبة 30.7%

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 21:14 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"غوغل" تطلق وحش الذكاء الاصطناعي السريع Gemini 2.5 Flash
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib