إيطاليا تضحك

إيطاليا تضحك

المغرب اليوم -

إيطاليا تضحك

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

على الرغم من مرور القرون الطويلة على نهاية روما، أجمل الإمبراطوريات، فإنها لا تزال تُثير الإعجاب والفضول، وغالباً أو دائماً، الحيرة. طالما تمتع المؤرخون وهم يصفون وصفاً، أو يروون دعابة، أو ينقلون قصيدة من التراث الروماني الجميل. ومن شبه المؤكد أن أحداً لم يكتب عن روما إلا بقليل، أو كثير من التحيُّز، إيجاباً أو سلباً. والإيطاليون هم أيضاً أكثر شعب حظي بالدراسة والإعجاب، وعكسه أيضاً. لا يمكن أن تبقى حيادياً، فأنت تعبر تاريخ روما، سواء في الكتب أو في شوارعها أو جاداتها الجميلة، خصوصاً في «ساحاتها»، التي يعتقد الإيطاليون أن لا شبيه لها في العالم.

لكل شيء ساحته في إيطاليا، أو ما يسمونها البياتزا. ساحة الشعب. ساحة العشاق. ساحة الجماهير. ساحة إسبانيا. وهنا لا بد من التوقف عند درجها الحجري، فهي على حجمها الصغير من أجمل الأماكن التي يُمكنك أن تقتل الوقت فيها من دون ملل في النهار والمساء وما بينهما. الجميع منهمك في أداء شيءٍ ما. محادثة عابرة، شاب «يصفِّر» بقوة لحسناء صاعدة أو نازلة على الدرج. سياح مع أطفالهم. سيدات متقدمات في السن يتجادلن حول رحلة إلى توسكانا قبل أن يبدأ موسم الحرّ.

هناك انطباع أو اقتناع بأن لا أحد يُشبه شعب روما. شعب يغني في الطرقات كأنه خارج من حفلة موسيقية، أو ذاهب إليها، وأناس يتدافعون ضاحكين مسرعين خلف الباصات الهرمة. والمقاهي دائماً في انتظارك مهما تأخرت، أو أبكرت في المجيء. يقول أمبرتو إيكو: «إن الملهى الإيطالي ليس أرضاً لأحد، بل هو أرض الجميع، يجمع بين الترفيه والنشاط والعمل والسخرية من المارة». وإذا كان المقهى وسيعاً بعض الشيء أمكن جعل جزء منه دكاناً متنوعاً يبيع السجائر، والكريمات، وشفرات الحلاقة، والأسلاك الطاردة للبعوض. كما يحتوي على زاوية لبيع أوراق اليانصيب، وفي أخرى تباع ألعاب الفيديو، وإلى جانبها ثلاجة للمرطبات. إذا أردت أن تعرف إيطاليا جيداً فإن عليك أن تبدأ من «بياتزا مدغوري».

في أي حال، مهما كان حجم المقهى فالرواد يجادلون حول موضوع ما، وقد تعلو أصواتهم بحيث تظن أن الجدل بلغ نقطة خطيرة، لكنهم سرعان ما يتضاحكون. ومن المستحيل أن يتطور الغضب، أو ملاكمة، كما في فرنسا، إلى انسحاب لا عودة عنه كما في لندن، فالغضب الإيطالي سريع الزوال، مثله مثل الصداقة والإعجاب.

يرسم كتاب «رحلة داخل العقلية الإيطالية» للمؤلف بيبّي سيفيرنيني، «الدار العربية للعلوم - ناشرون»، صورة مرحة. وبالنسبة إليَّ، وأهم ما قرأت عن هذا الشعب كتاب «الإيطاليون»، للسياسي والصحافي لويجي بارزيني، الذي لا يزال من أهم المراجع حول الشعب الإيطالي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيطاليا تضحك إيطاليا تضحك



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 18:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

القنوات المجانية الناقلة لمباراة المغرب والكوت ديفوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib