العقد الجماعي

العقد الجماعي

المغرب اليوم -

العقد الجماعي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

«الازدهار» الذي تعرفه منظمة المرتزقة الروسية «فاغنر»، والأميركية «بلاك ووتر»، يقلب النظريات العسكرية رأساً على عقب. إياكم والمرتزقة، كرر ثعلب السياسات الشهير السنيور ميكافيللي. فالجندي المرتزق لن يقاتل بقابلية؛ لأن الوطن ليس وطنه. وفوق ذلك فهو قادم من خلفية مشبوهة، إما مجرم أُعفي من السجن، أو «رقيق» حُرر، أو فقير معدم. لذلك فإن الجندي المأجور لن يتعلم المهارات العسكرية. ولن يلتزم القواعد والعادات الوطنية.

كل الذي قرأناه في الماضي، كان يدور حول هذه القناعة والبراهين عليها. جيوش المرتزقة غالباً ما تخسر الحروب، وجنودها أول من يفر من المعارك، وعندما يتوقف أسيادهم عن الدفع، ينصرف العسكر الفار إلى السرقات والأعمال الساقطة.

أحد الحلول كان في فرض الجندية الإجبارية. لكن الممارسة أثبتت أن لها معايب كثيرة، وفي النهاية اضطرت دول مثل فرنسا، إلى استبدال بعامين من الجندية، أسبوع واحد من دروس «التربية الوطنية». وعمدت دول أخرى إلى إعفاء شبابها من خدمة العلَم مقابل بدل مالي...

إلى أن ظهر «فاغنر»، أو يفغيني بريغوجين، سجين سابق وطباخ ماهر وله في الارتزاق مفهوم بلا حدود. رأى يفغيني الجيش السوفياتي يهان في أفغانستان، فخطرت له خاطرة وطنية: لماذا لا توكل الحروب إلى من يتحمل أوزارها، في الربح وفي الخسارة؟ وبدأ في البحث عن مقاتلي «فاغنر» بين السجناء والمحكومين والفارين من رفاقه السابقين. هؤلاء سيقاتلون بلا رحمة وبلا قوانين وبلا أخلاقيات. وتبقى للجيش الروسي نفسه، سمعته ومكانته.

وداعاً للسنيور ميكافيللي ونظريات عصر النهضة. عرض بريغوجين الفكرة على سيده وراعيه في الكرملين. راقت له الفكرة وراقت له نتائجها. «فاغنر» تربح الحروب في كل مكان وتمدّ نفوذها في القارات. لكن النقطة القاتلة كانت تنتظر بريغوجين كما انتظرت غيره من قبل؛ نقطة الغرور. النقطة الساذجة؛ إذ يخيّل للعريف أنه مساوٍ للعقيد، وليس مأموراً في بطانته.

الباقي معروف: بريغوجين يتمرد، بريغوجين يعتذر، بريغوجين واحد من عشرة على طائرة من طائراته سيئة الحظ. طائرة «إمبراير» برازيلية الصنع، تعمل في أدغال البرازيل وغابات الأمازون ولم يُعرف عنها أي سوء حظ من قبل.

الآن سوء حظ. لكنه حصر بريغوجين ورفاقه في «فاغنر»، ومضيفة جميلة تعمل في الشركة منذ أكثر من عشر سنوات، وقد كانت من الشجاعة بحيث التقطت صور اللحظات الأخيرة وأرسلتها إلى والديها.

غاب مؤسس «فاغنر» وشريكه، ولكن بقيت «الشركة القابضة». تجاربها ناجحة كلها. المرتزقة مثل القاتل الفرد المأجور، ينفذون عقد القتل بكل أمانة. هكذا درّبهم يفغيني صاحب أكبر، والآن أشهر، شركة قتل «تجاري» في العالم. صحيح أن «الجريمة لا تفيد»، ولكن إلا إذا كانت عبر الأمم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقد الجماعي العقد الجماعي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib