المطرب العاطفي اشترى «العتبة الخضراء»

المطرب العاطفي اشترى «العتبة الخضراء»

المغرب اليوم -

المطرب العاطفي اشترى «العتبة الخضراء»

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

قصة حقيقية عرفتها مصر في نهاية الأربعينات، بطلها أحد النصابين الذي كان قد خرج تواً من السجن، بعد أن أمضى قبلها فقط بأسبوعين العقوبة.

استغل النصاب الذكي، سذاجة أحد القرويين، ولهفته على استثمار أمواله بالقاهرة، وتفتق ذهنه على أن يقنعه بشراء «الترام»، مقابل كل ما كان يملكه في جيبه «تحويشة العمر»، وأخذ منه 200 جنيه مصري، تساوي بأرقام هذه الأيام ملايين الدولارات، وأخبره أن كل الحصيلة التي يحققها «الكمساري» يومياً من بيع التذاكر ستؤول له من الآن، وذلك مع وصول الترام «للجراج» في نهاية الخط.

وخلال بضع سنوات سيكسب أضعاف ما أنفقه، ووجدها القروي بالفعل فرصة لا تعوض، واكتشفت الأجهزة اللعبة في النهاية، وتم إلقاء القبض على النصاب، بعد أن تعرف القروي على صورته، لأنه كان «مسجل خطر»!

بعد عشر سنوات، التقط الفكرة الكاتب الساخر جليل البنداري، وقدمها في فيلم نهاية الخمسينات، لعب بطولته إسماعيل ياسين وأحمد مظهر وصباح باسم «العتبة الخضراء»، ومع الزمن، تأكدنا جميعاً أن البعض ممكن خداعه، ليس فقط بشراء «الترام» ولكن «العتبة الخضراء»، حيث كانت وقتها تمتلئ بعشرات من عربات «الترام». نتابع عشرات مماثلة من تلك الصفقات، مع اختلاف طريقة البيع، حتى في دائرة الفن، التي تخضع في نهاية الأمر لقانون «العرض والطلب»، حيث يعاد بين الحين والآخر «تفنيط كوتشينة» النجوم، وتتغير المواقع.

الفنان الذي كان في مقدمة المشهد متصدراً قائمة النجوم، من الممكن أن يجد نفسه وقد أصبح خارج الرقعة تماماً، ليصبح صيداً سهلاً لمن أراد أن يبيع له ميدان «العتبة» كله.

مع بزوغ الألفية الثالثة وسيطرة جيل «زد» على مقدرات كل تفاصيل الحياة تغيرت العديد مما كنا نعدّه ثوابت، غير قابلة حتى للمراجعة.

إنهم الجيل الذين ولدوا نهاية التسعينات من القرن الماضي، هم الذين يحددون حالياً مواصفات التعاطي مع الدنيا وعلى مختلف الأصعدة.

قطعاً الفن والثقافة والترفيه دائماً العنوان، شباك التذاكر أو بمعنى آخر ودائرة أكثر اتساعاً، كثافة المشاهدة تتحدد وفقاً لهؤلاء، عندما تصعد أسهم فنان، تأكد أنهم «بايعوه» وعندما تهبط أسهم فنان آخر تأكد أنهم «باعوه»!

الفنان إذا أراد أن يظل على الموجة نفسها مع الناس، عليه أن يمتلك القدرة على قراءة المفردات الجديدة، على المبدع إدراك أن الأبجدية ليست أبداً ثابتة، إلا أن هناك فرقاً بين قراءة وأخرى.

مؤخراً مثلاً تابعت المطرب الكبير وهو يحاول «الشعبطة» في قطار النجاح الشعبي، قدم أغنية يحاول من خلالها، استعادة نجاح لم يعد يعرفه قبل ربع قرن، وجد أن الشارع يغني «سطلانة»، كما أن ما دأبنا على تسميتهم «مطربي المهرجانات» لا يزالون مطلوبين في الشارع، فقدم شيئاً به الكثير من رائحة تلك الأغاني، وانتظر أن يعود مظفراً ومكللاً بالنجاح الجماهيري، واتفق كالعادة مع جيوش متلاحقة من السوشيال ميديا، وقدم أغنية لا يمكن أبداً أن تشبه ملامحه ولا تاريخه ولا إمكاناته، ودفع الكثير للكاتب والملحن والمخرج ثم انتظر، ما تسفر عنه النتيجة.

وبعد أن هدأت الهوجة داخل عالم «السوشيال ميديا»، وأطل على الأرقام الحقيقية، اكتشف أن الحصيلة «زيرو»، وأن هناك من باع له «العتبة الخضراء»، وقبل أن يبدأ إجراءاته القضائية لاسترداد أمواله، قال له فريق المحامين التابع له إن القاعدة المستقرة في العالم كله «القانون لا يحمي المغفلين»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المطرب العاطفي اشترى «العتبة الخضراء» المطرب العاطفي اشترى «العتبة الخضراء»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib