توابع «سعد نبيهة»

توابع «سعد نبيهة»

المغرب اليوم -

توابع «سعد نبيهة»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

تتغير المعانى وظلال الكلمات من حقبة زمنية إلى أخرى، الإطار الدلالى هو الوقود الذى تتجسد من خلاله حروف كل اللغات، كما أنه يشير إلى الحالة الاجتماعية والاقتصادية والمزاجية.

عندما غنت صفاء أبوالسعود فى مطلع ثمانينيات القرن الماضى بكلمات عبدالوهاب محمد وتلحين جمال سلامة (أهلًا بالعيد)، أحالها المخرج شكرى أبوعميرة إلى (فيديو كليب) رائع قبل أن نتعارف على توصيف علمى لمعنى (الفيديو كليب)، وانطلق بعيدًا عن الاستوديو إلى الشارع لينقل الفرحة.

كلنا استوعبنا معنى الكلمة كما أرادها عبدالوهاب محمد (سعدنا بيها)، بينما مع مرور الزمن صارت اسمًا وليست صفة، وبدأنا فى البحث عن المدعو (سعد نبيهة)، الاسم غير منطقى (نبيهة) اسم امرأة، لو كانت (نبيه) تعدى، البعض قال وليه لأ، لدينا دلالة فى المطرب (أحمد عدوية )، وعدوية كما تعلمون اسم امرأة، ولكنه صار لصيقًا به بعد أن اشتهر فى الملاهى الليلية بغناء (عدوية) لمحمد رشدى، قبل أن يردد له الناس (السح الدح إمبوه).

الكلمات تتبدل لأننا لا نستقر لغويًا على معنى واحد، كما أن شفرة التعامل اليومى تتغير، عندما تتصل بصديق تقول (ألو) يأتى الرد على (ألو) ليس بمثلها ولكن (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، وعندما تتساءل عن العلاقة بينهما كفعل ورد فعل، تأتى الإجابة المفحمة والملجمة (إنها تحية الإسلام).

وكأن كل ما دون ذلك يخاصم الإسلام، وعبثًا تقول لهم (لكل مقام مقال)؛ لدينا كلمات مثل (علمانى) صارت فى الثقافة الشعبية مرادفًا للإلحاد، وهى الطعنة التى توجه لأى إنسان تريد أن تسقطه من عيون الناس.

(امسك علمانى) تساوى فى الثقافة الدارجة (امسك حرامى)، عقوبتها أشد ضراوة، لأن من هو علمانى يدخل شعبيًا فى إطار الكفر بالذات الإلهية.

تستطيع أن تقرأ تفاصيل الحياة فى مصر من خلال التقاط كلمات صارت تنتهى بها أغلب المحادثات (لا الله إلا الله) والرد (محمد رسول الله).

تمنح العلاقات الاجتماعية بين البشر ظلًا إسلاميًا مباشرًا، المجتمع صار يفرض على الجميع هذا الإطار الصارم فى كل تفاصيله، بدلًا من التحية القديمة (سعيدة) وردها (سعيدة مبارك)، أو (العواف) وردها (يعافينا ويعافيكم)، صارت هذه الكلمات الآن مجالًا للسخرية.

الدراما تتدثر بأحكام دينية وأخلاقية مباشرة، على الفنان الالتزام بها، فى أحد مشاهد مسلسل (تغيير جو) وفى لقاء على العشاء بأحد مطاعم بيروت، رفضت منة شلبى أن تتناول النبيذ مع صديقها، المشهد لا يحمل دلالة درامية بقدر ما يعبر عن الخوف من المجتمع القاسى فى أحكامه التى لا تفرق بين الفنان والإنسان.. قبل عامين تعرض يحيى الفخرانى لشىء شبيه فى رمضان، عندما لعب دور رجل سكّير (زاهي نجيب زركش)، وجاء الاعتراض مباشرًا (خمر حتى فى رمضان).

المجتمع يتجه أكثر لتلك الأحكام المباشرة التى تدفع الناس للاعتراض لأن محمد صلاح قال إنه لا يشرب (الخمر) لأنه لا يحبها، بينما الإجابة الصحيحة المعتمدة (لأنها حرام).

فريد شوقى حتى السبعينيات كان يكتفى بإعلان أنه لا يتناول أكثر من أربع كاسات ويسكى فى اليوم، وعندما يذهب للاستوديو لا يقرب الخمر، وكان هذا يكفى جدًا، فهو يؤكد أنه فى عملة ملتزم، بينما الإنسان له خصوصية.

بديع خيرى قال فى مذكراته إنه كان شديد الخجل، وعندما ذهب أول مرة للقاء نجيب الريحانى (احتسى كأسين) فى أقرب حانة من مسرح الريحانى، وعندما أعيد نشر الواقعة صارت (صلى ركعتين) فى أقرب جامع.

إنها بعض تنويعات وتوابع (سعد ابن نبيهة)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توابع «سعد نبيهة» توابع «سعد نبيهة»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib