بقلم - عبد المنعم سعيد
المفاجآت الاستراتيجية فى الحروب لا تحدث فقط فى بداية الحرب كما حدث مع عملية «بارباروسا» الألمانية لغزو الاتحاد السوفيتي، وحرب 6 أكتوبر العربية لتحرير سيناء، و«غزوة» «طوفان الأقصى» الفلسطينية فى 7 أكتوبر 2023. المفاجأة تحدث فى أثناء الحرب نفسها عندما يتصرف الخصم بطريقة غير متوقعة كما حدث من التغير فى الجندى المصرى بعد تجنيد خريجى الجامعات واستخدام أسلحة دفاعية لأغراض هجومية. نقطة التحول فى حرب غزة كانت عند إخراج «حزب الله» من الساحة القتالية بعد عملية «البيدجر» التى أصابت 3000 قيادة عسكرية ما بين قتيل وجريح أعمي؛ وما أعقبها من اغتيال السيد حسن نصر الله قائد الحزب.
انقلب حال الحرب بعد أن تراجعت قوات «المساندة» ما عدا «أنصار الله» اليمنية التى بقيت على عهدها فى إزعاج التجارة الدولية والمرور من قناة السويس المصرية ومطار بن جوريون الإسرائيلي. القصة الإسرائيلية لم يكشف عنها الطابق بعد؛ بينما فى القصة الأوكرانية فإن بعضا من التفاصيل تسرب حتى قبل أن تستخدم أوكرانيا المسيرات عندما كشف مراقبون عن وجود حالة من «الكمون» الاستراتيجى احتوت ليس فقط على «الدرونز» الجوية وإنما أيضا القوارب البحرية المسيرة التى دمرت ثلث القطع البحرية الروسية فى البحر الأسود.
التكنولوجيا إذن باتت واحدة من أهم مفردات المفاجأة، ولكنها لا تفعل ذلك دون أجهزة مخابرات قوية تنجح فى إخفاء التطور التكنولوجى الحادث؛ وفى نفس الوقت تكفل تنفيذ عملية قد تغير مسار الحرب وربما السلام أيضا. عملية المسيرات جرت بينما جلسات التفاوض حول وقف إطلاق النار جارية، وكان تأثيرها النفسى على الرئيس بوتين وفريقه لا يقل عما خلقته من واقع يختلف ليس فقط فى الحرب الروسية الأوكرانية، وإنما أيضا العلاقات ما بين واشنطن وكييف.
حتى وقت كتابة هذا العمود فإن الحرب على الجبهتين لا تزال سارية؛ والأنفاق التى صممتها «حماس» لا تزال فاعلة؛ أما موسكو فلا تزال تفكر ما الذى سوف تفعله؟.