طريق الرياض للسلام العالمي

طريق الرياض للسلام العالمي

المغرب اليوم -

طريق الرياض للسلام العالمي

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

«نحن نعرف ولي العهد، وأعتقد أنها (السعودية) التي ستكون مكاناً جيداً للغاية للذهاب إليه»... هكذا تكلم الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المكتب البيضاوي، نهار الأربعاء الماضي، عن رؤيته للقاء السلام العالمي الكبير، والذي يُنتظر أن يجمعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، سعياً لإنهاء واحدة من أخطر الأزمات المعاصرة؛ الحرب الروسية - الأوكرانية.

لم تتأخر المملكة في التعبير عن ترحيبها بهذا الحدث المرتقب، لا سيما أنه يحمل للعالم إرهاصات طيبة، تعيد ترتيب أولويات السلم العالم، وتنهي ثلاث سنوات من الحرب العبثية التي لم يكن هناك طائل من ورائها.

أوفى الرئيس ترمب بوعده الانتخابي في التواصل مع سيد الكرملين، بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية، بهدف إيجاد مخرج سلمي ينزع فتيلاً مشتعلاً، كاد يهدد سلام العالم بصراع نووي في أوج المواجهات والمجابهات الخطيرة بين موسكو وأوكرانيا.

ولعل التساؤل الأولي الذي طرح نفسه على كافة موائد النقاش السياسي حول العالم هو: لماذا المملكة العربية السعودية تحديداً، الموقع والموضع المختار من واشنطن، والذي يلقى ترحيب موسكو في ذات الوقت؟

الشاهد أن الأمر مرده الرئيس هو نجاعة الدبلوماسية السعودية بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان، والتي تُترجم على الصعيد العالمي بفكر عالمي تعكسه «رؤية 2030» التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وبمزيد من الإيضاح، نجحت الرياض في ضبط المسافات بصورة واعية ومدروسة، بين كافة العواصم ذات الشأن العالمي، وهو الأمر الذي مكّنها من أن تكون قوة خيرة ومغيرة على الأرض، يتفق من حولها الأصدقاء شرقاً وغرباً.

منذ بدايات الأزمة الروسية - الأوكرانية، أظهرت السعودية موقفاً محايداً، جعل منها رمانة الميزان، وعكس نهجاً فكرياً لولي العهد الذي بادر بالاتصال في الثالث من مارس (آذار) 2022 بكل من الرئيس الروسي بوتين، والأوكراني زيلينسكي، ساعياً لإيجاد حل سياسي للأزمة، عوضاً عن الموت والدمار.

انقسم العالم طوال السنوات الثلاث المنصرمة، بين من يؤيد بوتين ومن يدعم زيلينسكي، في حين أدركت المملكة أن وساطة الخير ينبغي عليها ألا تؤجّج نيران الصراع بالمزيد من المدد العسكري ولا الدبلوماسي، بل بالعمل الجاد على إنهاء القتال، ومن ثم السعي للتوصل إلى اتفاق سلام، وتفرغ العالم من ثم للتنمية المستدامة لصالح شعوب العالم.

ليس سراً أن الحرب الروسية - الأوكرانية، بدت الأشد شراسة منذ نهايات الحرب العالمية الثانية، ولم تعرف أوروبا مثيلاً لها، وبدا أن الخوف قادم لا محالة، لا سيما إذا توسعت رقعتها من خلال التمدد الروسي عبر دول شرق أوروبا، رداً على عسكرة «الناتو» لجيران روسيا والدول القائمة على حدودها.

واصلت المملكة التي تتميّز بعلاقات قوية مع كل من واشنطن وموسكو، مساعيها الحميدة طوال السنوات الثلاث الماضية، مسخّرة هذه العلاقات وموقعها المتميز لتقريب وجهات النظر.

يعتبر كبار المراقبين أن المكانة التي تحظى بها السعودية لدى ترمب وبوتين، قد عبَّدت الدربَ لعقد هذه القمة المهمة للغاية في الرياض.

كان الاتصال الأول مع زعيم أجنبي للرئيس ترمب، مع ولي العهد الأمير محمد، وبدا واضحاً كذلك أن الزيارة الأولى له خارج البيت الأبيض ستكون إلى الرياض.

مثير أمر الدبلوماسية الأميركية وشأن الرئيس ترمب؛ ذلك أنها أدركت حجر الزاوية الذي تمثله المملكة في سلام واستقرار العالم، وأنه إذا كانت قد بذلت جهوداً مضنية لوقف نَزْفِ الحرب بين الروس والأوكران، فهي نفسها التي سعت إلى وقف المجازر ضد الفلسطينيين؛ ما يعني عمق وطنية رؤيتها العروبية، ومساندتها التي لا تحد ولا تسد لقضايا أمتها، بوصفها عموداً من أعمدة الخيمة العربية التاريخية في الحال والاستقبال.

العالم يحترم الأقوياء، والأذكياء، والسعودية حازت فخار الأمرين معاً؛ فعلى سبيل المثال حافظت على موقف محايد ولم تمضِ في طريق الانتقاد أو الميل لأحد، كما فعلت الدوائر الغربية الأوروبية والأميركية، بل تعاطت مع الجميع، كما لم تشارك في فرض عقوبات على موسكو... مهد الدرب إلى قمة الرياض السلمية القادمة عما قريب، والتاريخ يذكر أن موسكو أول دولة اعترفت دبلوماسياً بالمملكة العربية السعودية.

ولعله من نافلة القول أن الرياض لعبت دوراً تقدمياً على صعيد إنهاء الأزمة، ففي أغسطس (آب) الماضي، شهدت جدة مؤتمراً جمع أربعين دولة بهدف الاتفاق على المبادئ الأساسية لتسوية سلمية مستقبلية تنهي الحرب الروسية - الأوكرانية.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، لعب ولي العهد دوراً أساسياً في تبادل المعتقلين الأميركيين والروس، وأعاد الدور الذي لعبه في أغسطس الماضي، عندما ساعد في التوسط في أكبر عملية تبادل للمعتقلين من أميركا وروسيا منذ الحرب الباردة.

زرقاء اليمامة السعودية قطعت مبكراً بأن أزمة أوكرانيا مجال محتمل لتعزيز دور الدبلوماسية السعودية حول العالم، سلماً لا حرباً، ووفاقاً لا افتراقاً. النصر دوماً حليف الجاهزين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق الرياض للسلام العالمي طريق الرياض للسلام العالمي



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تسجل تراجعًا في قيمة التداول بنسبة 30.7%

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 21:14 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"غوغل" تطلق وحش الذكاء الاصطناعي السريع Gemini 2.5 Flash
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib