سلالة جديدة وأسئلة صعبة

سلالة جديدة وأسئلة صعبة!

المغرب اليوم -

سلالة جديدة وأسئلة صعبة

حسين شبكشي
حسين شبكشي

مع كتابة هذه السطور، كانت ردود الفعل الكبيرة من مختلف وشتى دول العالم تتسارع، والإجراءات الاحترازية المشددة تعود مجدداً للتعامل مع السلالة الجديدة المحورة والمتطورة من جائحة كوفيد – 19، التي انتشرت بشكل عنيف ومدمر وسريع للغاية في المملكة المتحدة.

وأدى هذا الانتشار إلى أن تغلق المملكة المتحدة على نفسها عن العالم، ليقوم العالم بإجراءات مشددة أدَّت إلى عزل نفسه عنها بداية من الدول الأوروبية نفسها، وكأن «بريكست» أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصبح أكثر شراسة وأشد وحشية.

ظهر المسؤولون البريطانيون على وسائل الإعلام المختلفة ليتواصلوا مع الشعب لأجل إبلاغهم عن وضع الصحة العامة في بلادهم، وكانوا فزعين ومرتبكين، وبدلاً من أن يبثوا الطمأنينة في الشعب البريطاني وبالتالي في العالم، أثاروا الفزع والخوف والهلع والقلق والشك والريبة. وحتماً كانت الإجراءات المتتالية من دول أخرى حول العالم للتعامل مع الوضع البريطاني، الذي كان بحسب وصف وزير الصحة البريطاني نفسه - الذي قال إنَّ «الوضع قد خرج عن السيطرة» - سبباً في زيادة الارتباك والحيرة من المجهول القادم، وخصوصاً أن حالة التفاؤل والنشوى الإيجابية جراء البدء في إجراءات تلقي اللقاح الذي طال انتظاره لوقت طويل جداً قد سادت الأجواء.

المعلومات الأولية الخاصة بالسلالة الجديدة المحورة والمتطورة من جائحة كوفيد – 19، محدودة للغاية، ولكن لعل أهم ما ظهر منها حتى الآن هو الآتي: 1 - السلالة الجديدة تزيد سرعة معدلات العدوى وانتشارها الواسع والكبير بنسبة 70 في المائة، مقارنة بالسلالة الحالية. 2 - الأعراض الأساسية المرصودة في السلالة الجديدة لا تزال كما هي لم تتغير. 3 - نسبة الإصابات تزيد بشكل مقلق وواضح وملحوظ في الأعمار الصغيرة، مقارنة بالسلالة الأساسية السابقة. أولى الدول التي تعاملت بشكل فوري مع الوضع البريطاني كانت الدول الأوروبية، حيث أُنهك القطاع الطبي وأجهد فيها بشكل غير مسبوق نتاج الجائحة، وبالتالي لم يكن غريباً أن تكون ردة الفعل مبالغة في الحذر، لأن التهاون الأولي في استقبال الجائحة أوروبياً أدى إلى نتائج فادحة.
ولكن تبقى الأسئلة الصعبة مفتوحة وعدم الإجابة عنها يبقي الخيال البشري بكم غير محدود من الإجابات «غير التقليدية أبداً». أسئلة مثل لماذا لم تنتشر سلالة جديدة محورة ومتطورة من الجائحة في آسيا، وهي نقطة انتشار الفيروس الأولى؟ لماذا لم تتحرك الدول الأوروبية عندما تم الإعلان عن وجود سلالة جديدة في الدنمارك منذ شهرين، وأدت إلى قتل جماعي استباقي لحيوان المينك المصاب به؟ لماذا اختيار توقيت الإعلان عن السلالة الجديدة مع انطلاق حملة اللقاح الجديد، وفي أول دولة تتلقى اللقاح هذا تحديداً؟ كم الأسئلة غير التقليدية، يتطلب أسئلة جادة وتحترم المتلقي الذي تعصف به الأخبار الكاذبة والشائعات في الأحوال المماثلة. ولا يوجد من شيء يوتر الأسواق المالية والمستثمرين فيها أكثر من الغموض والمجهول، وهذا الذي تسبب في هبوط أسعار النفط، وسينعكس على الأسواق والبورصات المالية بشكل سلبي، لأن حالة التفاؤل التي جاءت مع بدء حملات اللقاح أصيبت بالإحباط مع الأخبار الآتية من بريطانيا مؤخراً، التي أصابت العالم باكتئاب حاد جداً.

هل اللقاحات التي احتفل بها العالم كافية وفعالة ومؤثرة للتعامل مع السلالة الجديدة؟ هذا قد يكون السؤال المفصلي الأهم والأخطر الذي (بالحصول على إجابة قطعية وحاسمة عليه) سيبعث بالأمل مجدداً في العالم وهو بأمس الحاجة لذلك. من اليوم الأول لم تحسن بريطانيا إدارة الأزمة الصحية، وأدت تخبطاتها وقراراتها المتأخرة إلى وضع صحي مأساوي كاد يعصف بحياة رئيس وزرائها بوريس جونسون شخصياً الذي صارع الموت بعد إصابته بكورونا، واليوم يبدو أن العالم عليه تحمل تبعات «خروج الوضع الصحي البريطاني عن السيطرة»، فالقرية الصغيرة التي نعيش فيها باتت تعني حرفياً أن ما يحدث في أي مكان في العالم لا يبقى بعيداً منعزلاً أبداً. ولعل أولى خطوات الخروج من النفق المظلم الجديد، هو الإجابة المحترمة على الأسئلة الصعبة التي تدور في عقول وأذهان الناس حول العالم. الناس بحاجة للطمأنينة مثل حاجتها للقاح تماماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلالة جديدة وأسئلة صعبة سلالة جديدة وأسئلة صعبة



GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib