نريد أن نعرف عن درويش
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير ثلث مجمل منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية غارات إسرائيلية تستهدف منتظري المساعدات شمال مخيم النصيرات وسط غزة البحرية الإسرائيلية تعترض 8 مسيرات لأول مرة باستخدام تقنية البرق الواقي إيران تعلن تنفيذ ضربة صاروخية دقيقة استهدفت منزل عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيسارية وقوع خمسة انفجارات متتالية لسيارات مفخخة في مواقع مختلفة داخل مدينة طهران وسط حالة من الغموض الملك عبد الله الثاني يؤكد أن بلاده تبذل أقصى الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي لضمان “التهدئة الشاملة” في المنطقة الأردن يطلق صافرات الإنذار وإسرائيل تصعد بغارات جوية على طهران وسط توتر غير مسبوق إيران تُسقط 44 طائرة مسيرة وصغيرة تابعة لجيش الاحتلال وتتوعد برد حاسم على إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي يقصف 11 هدفاً في إيران بينها منشآت نووية ومحطات كهرباء الملياردير إيلون ماسك يؤكد أن خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية "ستارلينك" مفعّلة للشعب الإيراني
أخر الأخبار

نريد أن نعرف عن درويش!

المغرب اليوم -

نريد أن نعرف عن درويش

سوسن الأبطح
بقلم : سوسن الأبطح

شهادة الكاتب والقيادي في حركة «فتح» نبيل عمرو التي حملت عنوان «لقاء وافتراق قمتَي الثقافة والسياسة»، ونشرت في «الشرق الأوسط» قبل أيام، عن علاقة ياسر عرفات بمحمود درويش، بمناسبة مرور 15 سنة على وفاة الأخير، تفتح الشهية لمعرفة المزيد، عن هذا الجانب الخفي من حياة أحد أنبغ شعراء العرب في العصر الحديث. حياة الأديب تدرس بكليّتها وشموليتها، وقصائده تعاد قراءتها على ضوء المعلومات المستجدّة التي غالباً ما يلقى عليها الضوء بعد مرور سنوات على الغياب. تستّر درويش على حياته السياسية وكأنها عورة تضرّ بالشعر وجماليته، وتجرح قرّاءه، من المفترض أن تسقط بمرور الزمن، ومن حقّ القارئ على زملاء الشاعر ورفاقه في منظمة التحرير، وعايشوا تفاصيل تلك التجربة التاريخية المفصلية في الحياة العربية، أن يبوحوا بما لديهم.

بعض السُتر أشيحت، لكن ما نعرفه لا يفي بتوضيح الصورة. الوقت يمرّ سريعاً، والذاكرة يأكلها النسيان. ترك المساحات البيضاء يملأها محبو التصيد والتسلي بحياة محمود درويش العاطفية وعلاقته بالنساء وادعاء أبوته لأطفال والقرب المزيف منه، تسيء للشاعر، وصمت أصدقائه الخلّص، يُبقي علاقة القراء به منقوصة، وصورته مجتزأة في الوجدان. حذّر الباحث شكري ماضي قبل سنوات طويلة من مغبّة تحويل محمود درويش إلى أسطورة واختزاله وتحنيطه، بحيث يمنع المسّ به، كان ذلك في كتابه «شعر محمود درويش... آيديولوجيا السياسة وآيديولوجيا الشعر».

فكل أديب أو نجم، يحلو له أن يرسم لنفسه هالة خلال حياته، يتمنى لها ألا تخترق، لكن وظيفة النقاد أن يمزقوا الحجب، وواجب النائمين على الأسرار أن يقربونا من الحقيقة، ويدلوا بما لديهم، حتى وإن كان درويش قد رأى في حياته عكس ذلك، بخاصة في مرحلة ما بعد ثمانينات القرن الماضي وخروجه من بيروت، ودخوله مرحلة الكتابة الرمزية، والبعد عن المباشرة.

درويش يملك من العبقرية الشعرية الفذة، ما كان يسمح له أن يكتب عن أوسلو وعرفات وشارون بغنائية شعرية لا تصدّق، لكنه لم يرَ مصلحة فنية في ذلك، وربما أنه كما يقول عنه صقر أبو فخر «هو شجاع لكن يرتجف». فقد كتب شعراً قصص طفولته الأكثر حميمية. كتب عن حادث الباص الذي تعرض له، عن أخته التي ماتت، عن نجاته مراراً من الهلاك، عن تعرضه للغرق في البحر بسبب جهله التعامل مع الماء. نقرأ هذا في ديوانه الأخير «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي»، وكنا نتمنى حقاً لو أنها لم تنتهِ، وصف مدهش لطفولة وشباب عاديين. يمكنك حقاً أن تصف ما كتبه على أنه اختزال وتقطير ولغوي نادرين حين يحدثك عن أنواع الأمراض التي تعاني منها عائلته، عن الخلل في الشرايين، إلى ضغط الدم، والإنفلونزا، والخجل المزمن وصولاً إلى الفشل في الغناء.

تفتح عينيك واسعتين حين يصل لوصف تفاصيل جسده في قصيدة «لاعب النرد» ويخبرك: «لم أَجتهدْ كي أَجدْ شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً!» ليست هذه القصيدة الوداعية التي ألقاها على جمهوره من ديوانه الأخير استثنائية. لمحمود درويش نبوغ لغوي خارق في قدرته على إيهامك بالنثر وهو يكتب شعراً، ويجعلك تلهو بالإيقاع، بينما هو يحكي لك عن تفاصيل يومياته في الكثير من الدواوين. هذا وافر في «ذاكرة للنسيان» و«أثر الفراشة» و«في حضرة الغياب». دواوين في غالبيتها أتوبيوغرافيا درويشية مذهلة، والترميزات السياسية فيها، حتماً تحتاج إلى من يعرف مكامنها وخلفياتها، ومقاصدها. وهذا لن نصل إليه من دون مساعدة رفاق درويش الأقرب.

في المقالة التي كتبها نبيل عمرو، وهو ذكر المزيد في كتابه «محمود درويش حكايات شخصية» واضح أن الشاعر كان مثقفاً حراً ومستقلاً، رغم علاقته الوثيقة بعرفات، وتقاضيه راتباً من منظمة التحرير. فهو أحد الأدباء العرب الندرة الذين تفرغوا للكتابة وتمتعوا بترف التمويل، ومع ذلك لم يشعر بأنه يُشترى أو يُستأجر، وأن عليه أن يرضخ، أو يبيع مبادئه. عارض الكثير من مواقف عرفات وسياساته، وحين استوجب الأمر أن يستقيل من اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية»، فعل وعاند. وثمة من يروي أن تحويلاته المالية من منظمة التحرير شحّت، في تلك الفترة، بسبب معارضته اتفاق أوسلو وغضب عرفات منه، وأنه عاش في ضائقة في باريس، ومع ذلك لم يخفض السقف، ولم يتنازل عما اعتقده صواباً. تفاصيل كثيرة، وخبايا هي جزء من تاريخنا، وأساسية لقراءة نتاج محمود درويش الغني. فكل تفصيل في حياته الشخصية كان يتموضع على مفصل سياسي حاسم. والروايات المتعددة حين تتقاطع، هي وحدها قادرة على أن تشكل التراكم المعرفي المساند للبحث العلمي الحق.

حين سئل درويش في مقابلة تلفزيونية عام 2001: في ما يتعلق بصورتك، هل تستطيع أن تفصل بين الشعر والسياسة؟ أجاب «لا مش قادر أفصل».

ونحن كقراء وعشاق لقامة شعرية بتنا على ثقة بأنها لن تتكرر «مش قادرين نفصل»، حتى ولو أراد صاحب الشأن أن يقنعنا طوال حياته، بغير ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نريد أن نعرف عن درويش نريد أن نعرف عن درويش



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 14:57 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

بورسيا دورتموند يؤجل تمديد عقود نجومه الأربعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib