لبنان يواجه مصيره أيضاً

لبنان يواجه مصيره أيضاً

المغرب اليوم -

لبنان يواجه مصيره أيضاً

بقلم - عبد الرحمن الراشد

هذا البلد الصغير مساحة، الكويت أكبر من لبنان مرتين تقريباً، له تأثير يتجاوز المقاييس السكانية والجغرافية. وبسبب أزماته ومشكلاته الكثيرة لم ينجح قادته، ولا أحزابه ولا القوى الإقليمية أو الدولية في إخراجه من سكة الأزمات في المنطقة.
من النماذج التصعيد الذي مارسه بعض سياسيي الحكومة الحالية، وزير الخارجية إضافة إلى رئيس الجمهورية نفسه، في التعامل مع استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء. ولأنه يبدو غريباً أنَّ من يرفع قميص الحريري بحجة الدفاع عنه هم أعداؤه، أكثر السياسيين خصومة له، فالأرجح أنهم مدفوعون من قبل جهة على خلاف مع السعودية مثل الحكومة القطرية، أو الإيرانية. وإيران عازمة على السيطرة الكاملة على لبنان، بعد أن فرضت وجودها بالقوة على سوريا.
لبنان، دائماً، كان مسرحاً إقليمياً، تتصارع فيه القوى، وسبق لكل القوى والزعامات العربية أن تواجهت على أرضه. وقد اضطر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إلى استخدامه بعد أن وجد أنه مركز التحدي لمشروعه ضد خصومه في سوريا والخليج. إيران الخميني استخدمت لبنان ضد الولايات المتحدة بالتفجيرات والاغتيالات. ولسوريا النصيب الأكبر في تحويله إلى ميدان لنشاطاتها، وكانت من مبررات الرئيس الراحل حافظ الأسد، وكذلك بشار، في الإصرار على التدخل والسيطرة على لبنان، رغم تكلفة ذلك سياسياً أنهم يؤمنون أن الجار الصغير هو مكمن الخطر على سوريا، فيه تحاك المؤامرات الدولية وتنطلق منه العمليات الخفية ضدهم.
وأبرز مثال اليوم على لبنان، كورشة للصراعات، أنه يلعب دوراً حيوياً في حرب اليمن. يستخدمه الإيرانيون لإدارة عملياتهم الأمنية والدعائية وكذلك العسكرية. وفي مقالي السابق مررت على بعض تفاصيلها. فبيروت لا تزال مقر وسائل الإعلام الدولية، وفيها تروج الأخبار والدعايات، ولأنها تحت سيطرة حزب الله، فإن كل نشاطات الحوثيين غير القتالية تقريباً تتم من لبنان وليس من داخل اليمن نفسه، بما فيها الحملات السياسية والقانونية والإعلامية ضد السعودية والتحالف، في الدعاوى في اتهامات المجاعة والكوليرا واستهداف المدنيين. وكانت بيروت مخبأ للسياسيين المتمردين على حكومة المالكي السابقة، وكذلك مركز نشاطات معاكسة أيضاً لحكومته، واتضح كيف أن مئات الملايين من الدولارات الأميركية راحت لحزب الله في ظروف لا تزال مجهولة. كما كان لبنان ورشة ومسرحاً مهماً للحرب السورية للاستخبارات والتجنيد والدعاية. ومعظم الصراعات تبحث عن مناخات تتوفر في بلد مثل لبنان، مفتوح ومتعدد الانتماءات وبسلطة مركزية ضعيفة.
وبالتالي، فإن الدول الإقليمية الكبرى قدرها أن تدافع عن وجودها ووجود مناطقها، ولن تجد مفراً من التعامل مع الواقع اللبناني. هناك حلفاء وهناك خصوم، ولا توجد فيه تحالفات دائمة مهما كانت الارتباطات المذهبية أو الآيديولوجية أو حتى العائلية. ومعضلة السعودية الرئيسيّة والمزمنة في لبنان، هي إيران التي يمثلها حزب الله، وهي مشكلة لمعظم دول المنطقة والعالم. وقد ركّزت الرياض على رسالة مهمة، وهي أنه لا يمكن ترك لبنان فريسة لحزب الله، وقد لا يدرك اللبنانيون والعرب الذين يهوّنون من مشروع حزب الله أنه قادر على الاستيلاء التام على مقدرات وسلطات الدولة اللبنانية، وإلغاء كل الهوامش التي تتيحها الخصوصية اللبنانية، من حريات وتعددية ومرونة. كل هذه الجماعات المستقلة اليوم، بما فيها القوى المسيحية والسنية، سيقضي عليها حزب الله إن استمر في مشروعه بتحويل لبنان إلى ملحق بالجمهورية الإيرانية. وهذه التحديات الجديدة مسؤولية اللبنانيين أنفسهم الذين إن تكاتفوا ضد حزب الله، أو لنقل ضد عمليات الهيمنة الخارجية بشكل عام، سيجدون دعماً إقليمياً ودولياً، وإن لم يفعلوا فإنهم أول من يخسر في المعادلة الجديدة مع هيمنة إيران على سوريا والعراق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يواجه مصيره أيضاً لبنان يواجه مصيره أيضاً



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib