المقاتلات التركية تدخل الحرب

المقاتلات التركية تدخل الحرب

المغرب اليوم -

المقاتلات التركية تدخل الحرب

عبد الرحمن الراشد

كل ما بان لنا حتى الآن مقتضب، ومذيل بكلمة «من حيث المبدأ»، ومع هذا هو تطور مثير ولأول مرة في معادلة الصراع في سوريا. فقد اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على أن يقدم سلاح الجو التركي الحماية لقوات المعارضة السورية في داخل سوريا. لم يقدّم وزير الخارجية التركي بعد توضيحا كافيا حول الاتفاق مع الأميركيين، لكن يبدو أن حكومة أنقرة أخذت على عاتقها مسؤولية دعم المعارضة السورية التي دُربت على أراضيها، وسيتم إرسالها لتعبر الحدود لتحرير مناطقها التي استولى عليها تنظيم داعش، وسيقوم سلاح الجو التركي بتقديم الغطاء وربما دعمها في القتال.
وقد يفهمها البعض بأن الهدف ليس نظام بشار الأسد، ولا المناطق التي تحت سيطرته، وهذا صحيح حتى الآن، وستصيب البعض بالخيبة على اعتبار أن صورة المعارضة في ذهن الكثيرين تختصر في القتال ضد نظام دمشق. إنما لو وضعنا التطور الجديد في إطار الواقع السوري كما هو اليوم يبقى مهما لصالح المعارضة. من دون هذه الخطوة سيأكل الأشرار المعارضة السورية، مثل «داعش» وحزب الله. فسوريا الآن تَحْت ثلاث قوى رئيسية تتصارع فيما بينها، النظام والمعارضة والجماعات الإرهابية، وأي فريق يأكل أحد الفريقين المنافسين ستكون له الغلبة.
أما لماذا تريد تركيا، وبدعم غربي، استهداف «داعش» وليس النظام السوري، فلأنه الفريق الأقوى والأسرع انتشارا، والذي يسيطر على أكبر مساحات سوريا، والأخطر الذي لا يعترف بقوانين دولية ولا حدود ويمكن أن يجتاز الحدود التركية مستقبلا ويهدد أمنها. وبالطبع هو الفريق الذي صار الجميع يتفق على محاربته، نظام الأسد والمعارضة والأتراك والعرب والغربيين. وهؤلاء يختلفون تقريبا على كل شيء ويتفقون على مقاتلة الجماعة الإرهابية.
على الأرض التركية جيش للمعارضة السورية يقدر بخمسة عشر ألفا تم تدريبه حديثًا، ولا ندري عن كفاءته في القتال، وكيف سيواجه أخطر مقاتلي العالم الذين برهنوا أنهم الأقدر على الانتصار نتيجة عقيدتهم المتطرفة، القتال من أجل الموت.
استعداد تركيا لمنح قوات المعارضة التأييد العسكري، والغطاء الجوي داخل الأجواء السورية يضعنا أمام تطورين مهمين، الأول أن المعارضة السورية أخيرًا قد تتمكن من تأسيس مناطق تحت سيطرتها وإدارتها، تحرسها تركيا. والثاني سيحظر على طيران الأسد، لأول مرة، قصف هذه المناطق المحررة التي طالما استهدفتها طائرات الأسد بالبراميل المتفجرة. وهذا التغيير ينسجم مع ما ظهر الأيام القليلة الماضية، حيث تحدثت مصادر عن قيام طائرات النظام بقصف مواقع لـ«داعش» في تدمر بالتعاون مع الأميركيين، وربما المعني هنا هو التعاون الاستخباراتي.
مشهد غريب، اشتراك الأعداء في حرب ومهام قتالية متشابهة وضد عدو واحد، لكنه قد يمهد لاحقا، إما لمشروع سياسي، والأرجح دمج المعارضة المعتدلة في النظام السوري ناقصا الرئيس الأسد، وإما تقسيم البلاد وفوق الواقع الجديد الذي تقف فوقه قوات كل فريق. لكن هذين الأمرين مرهونان بنتائج الحرب على «داعش» الذي لن يكون سهلا هزيمته، بدليل فشل قوات النظامين في سوريا والعراق طيلة عامين دمويين! كما أنه مرهون بحجم التدخل التركي الذي وسعت أهدافه ومعانيه وسيكون حاسما في وقت لاحق، وقد عبر وزير الخارجية التركية عن شكواه بأنه لا معنى أن يذهب مقاتلو المعارضة السورية دون حماية جوية، لأن هذا يعني أنهم سيقتلون من الجو ببراميل الأسد وعلى الأرض ببنادق «داعش»، وهذا صحيح، فـ«داعش» والنظام اتفقا لعامين على استهداف قوات الجيش الحر وبقية القوى المعتدلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاتلات التركية تدخل الحرب المقاتلات التركية تدخل الحرب



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib