المعركة على الأقصى الفشل ليس خياراً

المعركة على الأقصى... الفشل ليس خياراً

المغرب اليوم -

المعركة على الأقصى الفشل ليس خياراً

بقلم - عريب الرنتاوي

لا تتوقف مقاومة الفلسطينيين للإجراءات الجديدة التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ... ولولا الزحف الشعبي المتواصل لما كان بالإمكان تحريك كل هذه الجهود والاتصالات السياسية والدبلوماسية لثني إسرائيل عن تنفيذ مخططها الرامي لتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً.

صحيح أن إسرائيل لم تنثن بعد عن إجراءاتها الاستفزازية، لكن المقاومة الشعبية الفلسطينية متواصلة، وتزداد زخماً وعنفواناً، فيما الأنباء بدأت تتسرب عن استعدادات إسرائيلية للتراجع عن هذه الإجراءات، ولكن مع حفظ ماء المؤسسة الإسرائيلية المدنية والأمنية والعسكرية، وأحسب أن كسب هذه المعركة سيكون أمراً ممكناً، إن تملكت القيادة الفلسطينية الشجاعة ذاتها، التي أظهرها شعبها برجاله ونسائه، شيوخه وأطفاله، خلال الأيام القلائل الفائتة.

لا ينبغي التعويل كثيراً على الاتصالات التي تجريها دول عربية «بعيدة» مع الإسرائيليين بوساطة أمريكية، فالتسريبات ذاتها، تؤكد أن حكومات تلك الدول، لم تجد في البوابات الإلكترونية ولا في تخصيص بوابات للمسلمين وأخرى لليهود، أمراً مثيراً للريبة وممهداً للتقسيم، بل أنها أبدت تفهماً للتحسبات الأمنية الإسرائيلية، و»اشترت» الرواية الإسرائيلية بكاملها، لكأن الأولوية الأولى لهذه الوساطات هي تمكين المصلين من الوصول إلى صحن المسجد، حتى وإن اكتملت رموز «السيادة الإسرائيلية» على الحرم.

وكل جهد دبلوماسي عربي أو إسلامي، يجب أن ينطلق من مطالب الفلسطينيين أنفسهم، وبغرض إنفاذها، وليس للبحث عن «حلول وسط» تقرب إسرائيل خطوات إضافية من إنفاذ مشروعها بتقسيم الحوض المقدس توطئة لبسط السيطرة الكاملة عليه، فالفلسطينيون، خصوصاً أبناء المدينة وبناتها، خبروا الألاعيب الإسرائيلية، ويعرفون من تجربتهم المتراكمة، أن ما هو مؤقت اليوم، سيصبح دائماً غداً، وأن إسرائيل لن تكف عن البحث عن مداخل وقنوات التفافية لإنفاذ مخططاتها ضد مدينتهم ومسجدهم.

الأردن بحكم قربه ورعايته للمقدسات الإسلامية، تنبه مبكراً لما تحيكه إسرائيل، رسمياً وشعبياً... حذر من مغبة استغلال العملية الفدائية لتغيير الواقع التاريخي للمسجد، وضرب الرعاية الهاشمية له، مثلما تنبه مبكراً لخطورة الإجراءات التي اتخذت بعدها، وطالب بإزالتها ... مثل هذا الموقف لم يتكرر كثيراً على ألسنة قادة عرب آخرين، لم تتوقف وسائل إعلامهم عن الاشادة والتباهي بنجاحاتهم «الافتراضية» بفتح أبواب المسجد من جديد للمصلين، علماً بأن المسجد ما زال مغلقاً من وجهة نظر الفلسطينيين.

ليست المسألة في أن يؤدي الفلسطينيون الصلاة في المسجد، الصلاة على الأرصفة وفي الشوارع والحارات المحيطة به جائزة كذلك، وإسرائيل ستفتح أبواب «الكنيست» وليس المسجد الأقصى فقط، إن كان الهدف أداء الصلاة فقط ... المسألة ليست هنا، المسألة في أن إسرائيل تريد فرض سيادتها ورعايتها على هذا المكان المقدس، وتغيير معالمه وتتقاسمه مع سكان البلاد الأصليين من المسلمين، وأية إجراءات وترتيبات تصب في هذا الاتجاه، ستعد نجاحاً للمشروع الإسرائيلي، ومن السذاجة التبكير بإطلاق صيحات النصر، فيما المواجهات والاشتباكات ما زالت دائرة بين المتظاهرين السلميين العزل من جهة والجيش المدجج بالسلاح والعنصرية والكراهية من جهة ثانية.

وإن لم يعمل الفلسطينيون بنظرية «ما حك جلدك مثل ظفرك»، فلن يكون هناك متسع ولا تأثير للتحركات والمبادرات والاتصالات، وإن لم تردد الشوارع العربية والإسلامية صدى الحراك الشعبي الفلسطيني، فلن يكون اهتمام رسمي عربي وإسلامي بقضية القدس وثالث الحرمين الشريفين ... وإن لم تنتصر القيادة لشعبها، وتواكب حراكه الشعبي النضالي بأعلى درجات الشجاعة والالتزام، فلن يكون هناك استمرارية لهذه الموجة الكفاحية حتى بلوغ أهدافها، وإن لم يخجل قادة الفصائل في غزة والضفة من انقسامهم المخزي، فإنهم  سيخذلون هذا الحراك الشعبي الذي بدأ عفوياً، وفرض نفسه على الجميع فصائل ومؤسسات.

والفلسطينيون في معركتهم ضد تقسيم الأقصى وفرض السيطرة الإسرائيلية، لا يملكون «ترف» الفشل، فلا خيار أمامهم سوى الانتصار في هذه المعركة، والنصر قريب، وعملية عض الأصابع تكاد تبلغ منتهاها فالثبات الثبات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعركة على الأقصى الفشل ليس خياراً المعركة على الأقصى الفشل ليس خياراً



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib