زيارة ملك و«وعكة» رئيس

زيارة ملك و«وعكة» رئيس

المغرب اليوم -

زيارة ملك و«وعكة» رئيس

بقلم - عريب الرنتاوي

بادر الملك عبد الله الثاني إلى الاتصال هاتفياً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس للاطمئنان على سلامته، بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، وهذا يكفي، سيما بعد نفي مصادر “المقاطعة” اعتلال صحة الرئيس وتأكيدها أنه أجرى فحوصات طبية روتينية جراء حالة الإرهاق والأعياء التي أصابته طوال أسابيع أزمة الأقصى الثلاثة ... سفر الملك إلى رام الله ربما جاء بدافع الاطمئنان على سلامة الرئيس من “وعكة سياسية” تداولت بعض الأوساط الصحفية والإعلامية تسريبات بشأنها، من عوارضها وقف التنسيق الأمني وإحساس بـ “اليأس”  و”الإحباط” من إدارة ترامب وحكومة نتنياهو “والتدخلات الضارة” لبعض العواصم العربية والإقليمية، التي تريد ليّ ذراعه وإخضاعه لخياراتها وبدائلها، بأية وسيلة من الوسائل، واتجاهه ربما لانتهاج سياسات مغايرة لما عُرف عن واشتُهر به، من دون ذكر أية تفاصيل.

الملك كان قد عاد مؤخراً للتحذير من دنو لحظة نفاد الفرص وانغلاق نوافذها، لكنه لم يقطع الأمل بإدارة ترامب، وقدرة رئيسها على تحريك المياه الراكدة، بل هو يرى أن الرئيس الأمريكي، أكثر ممن سبقه من رؤساء، ربما يكون الأقدر على اجتراح الحل وفرضه على الأطراف ... والملك من خلال تصريحاته ومقابلاته، يعتقد أن الفرصة لفعل ذلك ليست مفتوحة للأبد، وربما تقاس بالأشهر لا بالسنوات، ويحرص أشد الحرص على ألا يُحمّل الجانب الفلسطيني أو العربي وزر عرقلة جهود ترامب أو قطع الطريق على مبادرته الخاصة التي عرفت اختصاراً باسم “صفقة القرن”، في حين أن إسرائيل هي من أطاح بكل المبادرات والجهود، وهي التي تفعل كل ما بوسعها لدفع ترامب للاهتمامات بملفات أخرى في السياسة الخارجية، بعيداً عن الملف الفلسطيني.

هنا والان، يمكن الافتراض بأن الملك حرص على الذهاب شخصياً إلى رام الله، سيما بعد أن وصلته أنباء إحجام الرئيس عباس على إجراء ترتيبات سفره للعلاج في الخارج حتى لا يكون أول من يكسر قراره بـ “وقف التنسيق الأمني”، وأنه عرض على مضيفه الفلسطيني ما بحوزته من معلومات وخلاصات لجولاته واتصالاته الدولية، وأنه نصح القيادة الفلسطينية باختيار توقيت آخر للقيام بما تردد أنها تنوي القيام به، حتى لا تتكرر تجربة الرئيس الراحل ياسر عرفات مع الرئيس الحالي محمود عباس، سيما وأن حكومة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، لم تخف نيتها “شيطنة” الرئيس وتحميله وزر المواجهات والتصعيد الذي حصل إثر قراراتها الاستفزازية الوقحة بشأن المسجد الأقصى، وقبلها وبعدها.

لا أدري بمَ أجاب الرئيس عباس على طروحات الملك، إن صحت تقديراتنا بهذا الشأن، لكن المرجح أنه سيتعهد بعدم تعطيل أي مسار سياسي، وإبقاء التعاون مع واشنطن قائماً ونشطاً، رغم أن الأخيرة تميل لتشديد قبضتها وشروطها على السلطة الفلسطينية مؤخراً، ولا أدري كذلك كيف سينعكس على العلاقة الفلسطينية – الإسرائيلية، وما إذا كان الجانبان سيستأنفان التنسيق الأمني من جديد، حتى وإن بمستوى وفاعلية أقل، أقله حتى يتقرر مصير “نافذة الفرص” خلال الأشهر القليلة القادمة.

وثمة بعد آخر، كُشف عنه في ختام الزيارة القصيرة وعلى هامشها، ويتعلق باستحداث “آلية جديدة” للرقابة على الوضع القائم في المسجد الأقصى وأكنافه، وتحديداً لجهة حفظ وضعه القانوني والتاريخي القائم... الملك يريد لواشنطن أن تكون شاهداً على التزام إسرائيل بحفظ هذه الوضعية، والوفاء بما تقرر في اجتماعات الملك – نتنياهو – كيري في عمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، والملك يريد أن يكون الجانب الفلسطيني حاضراً في أية آلية من هذا النوع، فضلاً عن تشكيل ما أسمي بـ “خلية الأزمة” لإدارة أية أزمات لاحقة في الأقصى ومحيطه بين الجانبين الأردني والفلسطيني، لضمان أعلى وتائر التنسيق والتعاون بين الجانبين ولتفادي أي سوء فهم، وقطع الطريق على أي سوء نية.

الزيارة مهمة في دلالاتها وتوقيتها، سيما مع تفاقم ميل إسرائيل لـ”شيطنة” الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية، وتزايد الضغوط الأمريكية على المنظمة والسلطة، وانتشار المشاريع الإقليمية، المعلنة والمضمرة، التي تسعى في زعزعة أركان الشرعية الفلسطينية، ومحاولة فرض خيارات وبدائل عليها من خارجها (أو من داخلها)، ودائماً في سياق صراعات المحاور المحتدمة في المنطقة وحروبها، وغالباً بما يعزز “أوراق اعتماد” هذا الفريق العربي-الإقليمي ذلك، التي يسعى في تقديمها لواشنطن أو لاستخدامها في مواجهتها... الزيارة بحد ذاتها قالت أن للشعب الفلسطيني عنوانا واحدا، وأن هذا العنوان المؤقت في رام الله، حيث منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكل عجرهما وبجرهما، وبخلاف ذلك، فإن ما يجري من مبادرات ومؤتمرات انشقاقية، ليس في واقع الحال سوى ضرب من “التغميس خارج الصحن”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة ملك و«وعكة» رئيس زيارة ملك و«وعكة» رئيس



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 00:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib