لحظة الحقيقة في الحرب على اليمن

لحظة الحقيقة في الحرب على اليمن

المغرب اليوم -

لحظة الحقيقة في الحرب على اليمن

بقلم - عريب الرنتاوي

عشية توجه الوفدان اليمنيان إلى جنيف للمشاركة في محادثات يرعاها الموفد الأممي، نسبت قناة «العربية» للوزير عادل الجبير قوله إن «الحل العسكري لن ينهي الأزمة اليمنية»، فيما كانت صحيفة «الاتحاد» الإماراتية تصدر بـ»مانشيت» عريض يقول «الإمارات: معاناة اليمن لا تنتهي إلا بعملية سياسية» ... نحن إذن أمام لغة جديدة، تقوم على وجوب البحث عن حل سياسي للأزمة الممتدة لأكثر من ثلاث سنوات.
جنحت الأطراف بعد أن أعيتها الحرب لخيار التفاوض والبحث عن حلول وسط ... لا أحد بمقدوره إلغاء الآخر، وموازين القوى في حالات مماثلة، لا تحسب بأعداد الدبابات والطائرات، التي يمتلكها هذا الطرف أو ذاك، مهما بلغت درجة حداثتها وتطورها ... لا بد من العودة إلى خيار التفاوض والحوار، واستئناف ما انقطع من تفاهمات يمنية داخلية، وترك اليمنيين يقررون مصيرهم بأنفسهم.
 من يتأمل المشهد اليمني، وما يستطبنه من مآسٍ إنسانية، بلغت حداً غير مسبوق، يدرك أن كلفة استمرار هذه الحرب باتت عصيّة على الاحتمال ... ليس على المدنيين الأبرياء الذين يُقتّلون ويُجرّحون ويُهجّرون فحسب، بل وعلى أطراف الصراع المحلية والإقليمية على حد سواء.
يستطيع الحوثي و»أتصار الله» القتال بالضراوة ذاتها لسنوات عديدة قادمة ... هذا درسٌ تكشفت عنه، وبرهنت عليه، تجربة الحرب اليمنية في سنتها الرابعة، وامتداد ساحاتها وميادينها، وتعدد أسلحتها وأدواتها ... لكن الحوثي وحلفاءه، بدأوا يتلمسون لمس اليد، حجم الكارثة الإنسانية التي تضرب بيئتهم الحاضنة ... وهم إذ نجحوا حتى الآن، في توجيه غضب مؤيديهم ضد خصوم الداخل والخارج، كما يتضح من المسيرات المليونية التي ما انفكوا قادرين على تسييرها في شوارع صنعاء وميادينها، إلا أن لطاقة الشعب، أي شعب، سقوفاً وحدوداً للاحتمال، وفي ظني أن الشعب اليمني، شارفها حتى لا نقول جاوزها.
والتحالف  لن يستطيع تجاهل حقيقة أن ما ينتظره من معارك وحروب، أشد قسوة وهولا، وربما أطول أمداً، من كل ما سبق، ومع كل اقتراب من معاقل الحوثي وبيئته، تشتد ضراوة القتال وترتفع أكلافه البشرية والمادية والإنسانية في كل الأحوال.
ولن يصمد هذا الفريق طويلاً، فقد شهدنا وتابعنا، من مصادر مفتوحة وغير مفتوحة، كيف ينقلب المشهد، في عدن والمكلا ومحافظات الجنوب، ورأينا كيف «يتنفس» الصراع بين «الإصلاح» وقوات الحزام والجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة هادي وإمرته... واستمعنا إلى هتافات المتظاهرين وصيحاتهم المطالبة بعودة اليمن لليمنيين.
لقد أرادوا بالحرب على الريال اليمني، حشر الحوثيين، وقد نجحوا خصوصاً بعد وقف الرواتب والتحويلات، لكن المفاجأة الكبرى التي لم يحسب حسابها أحد، أن هذه الحرب ارتدت على «المحافظات المحررة»، وخرجت المظاهرات الكبرى تحرق وتدمر وتقطع الطرق، فكانت تداعياتها وآثارها على بيئة الشرعية، أشد خطورة منها على مناطق سيطرة الحوثي وأنصار الله، أو لا تقل عنها في أدنى تقدير.
ثم، أن العالم برمته بدأ يضيق ذرعاً بأنباء الكارثة الإنسانية التي تعتصر اليمن واليمنيين، وبالضحايا من المدنيين الأبرياء، وبدأت الدول المصدرة للسلاح، وتحت ضغط الرأي العام فيها وبفعل جهود منظمات حقوق الانسان، تقرر الامتناع عن تصدير السلاح والقذائف، وبدأت فاتورة هذه الحرب، على صورة وسمعة  الأطراف، بالارتفاع على نحو متزايد ...
هي لحظة الحقيقة والاستحقاق في الأزمة اليمنية، تدنو يوماً إثر آخر... اليمن يقترب من طي صفحة الحرب المدمرة، لكنه سيكون بحاجة لسنوات وعقود لترميم ما دمرته الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة الحقيقة في الحرب على اليمن لحظة الحقيقة في الحرب على اليمن



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib