للأقصى شعبٌ يحميه

للأقصى شعبٌ يحميه

المغرب اليوم -

للأقصى شعبٌ يحميه

بقلم : عريب الرنتاوي

حين يقضي نصف مليون فلسطيني ليلتهم، «ليلة القدر»، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، فمعنى ذلك أن أكثر من 10 بالمائة من الفلسطينيين المنزرعين في أرضهم قد لبّوا نداء الأقصى، باعتبار أن سكان الضفة والقدس والخط الأخضر، لا يزيد عددهم عن خمسة ملايين نسمة، في حين أن مليوني غزيّ يرزحون تحت نير الحصار، يتعذر عليهم المشاركة في هذه المناسبة الجليلة... حدث ذلك برغم القيود والحواجز والمعوّقات الإسرائيلية التي لا يحتملها بشر... ولنا أن نتخيّل لو أن الفلسطينيين بمختلف أعمارهم، ومن مختلف مناطقهم المحتلة والمحاصرة، كانوا يتمتعون بحرية الوصول إلى المسجد، لربما ارتفع العدد إلى مليون مرابط على أقل تقدير.
لو اعتمدنا هذه النسبة «إسلامياً»، فمعنى ذلك أنه يتعين على مكة المكرمة أن تستقبل ما بين 130 مليون إلى 140 مليون حاج ... وأن على العتبات المقدسة في العراق أن تستضيف ما يزيد عن خمسة عشر مليون مؤمن ... قد لا تصح المقارنة تماماً، بيد أنها تنفع كمؤشر لقياس مدى تعلق الفلسطينيين بعاصمتهم المحتلة، وارتباطهم بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين، وإصرارهم على الثبات فوق ترابهم الوطني.
في المسألة بعدان ديني ووطني، لا يمكن لعين حصيفة أن تحيد عن أي منهما ... في الزمان، هو رمضان المبارك، وهي «ليلة القدر» التي هي خير من ألف شهر... وفي المكان هو المسجد، قبلة المسلمين الأولى مسرى النبي ومعراجه... لكن يخطئ من يظن أن الحافز الذي حرّك كل هذه الجموع لاجتياز حواجز التمييز العنصري، هو حافز ديني إيماني فحسب، فالحافز الوطني الجامع للفلسطينيين على اختلاف طوائفهم، حاضر وبقوة، وقد تجلى في غير معركة في القدس والأقصى وحولهما حين صلى المسيحيون في صفوف مع المسلمين، وحين صدحت الكنائس بالآذان، وحين هبّ المسلمون دفاعاً عن «القيامة»... إنه استفتاء مباشر حول فلسطينية القدس وعروبتها وإسلاميتها ومسيحيّتها سواء بسواء.
هو الرد الفلسطيني البسيط والعفوي على «صفقة القرن» وقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وأحاديث «الفتى الغرّ» عن سيادة الاحتلال على الأقصى ... هو الرد على قرار نقل السفارة وصلف اليمين الديني والقومي المتطرف في إسرائيل واليمين الشعبوي في الولايات المتحدة ... هو الإيذان الحقيقي بأن معركة القدس ومقدساتها التي بدأت قبل مئة عام، ستستمر لمئة قادمة إن تطلب الأمر، حتى التحرر والانعتاق من رجس الاحتلال ودنس قطعان المستوطنين.
هو التصويت (بالذخيرة الحيّة) على أن الفلسطينيين لن يستبدلوا وطنهم بكل بقاع العالم، وأن فلسطين هي وطنهم الذي لا وطن لهم سواه، وأنهم هم الذي يرابطون في الخنادق الأولى للمواجهة إلى أن تستيقظ الأمة من غفوتها وتنهض من كبوتها وتلتحق بهم في معارك الحرية والاستقلال ... هو البرهان على أن «شعب الجبارين» لا يعوّل إلا على نفسه ... بعد أن قرر الأحفاد إعادة انتاج سيرة الأجداد في الذود عن تراب الوطني، مؤمنين بقاعدة «ما حك جلدك غير ظفرك».
طوبى لكل رجل وامرأة، لكل شيخ وشاب، تكبد عناء «شدّ الرحال» إلى الأقصى ... لكل من تسلق الجدران واخترق الأزقة واستدار حول الطرق الالتفافية والحواجز الاسمنتية والكلاب البوليسية ...  طوبى لكل رجل وامرأة قررا خوض غمار المجازفة للوصول إلى المسجد وقضاء الليل بطوله تعبداً ومقاومة لأسوأ احتلال عرفته البشرية ... طوبى للفلسطينيين وهم يعطون لرمضان والعيد كل معاني القيامة والمقاومة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للأقصى شعبٌ يحميه للأقصى شعبٌ يحميه



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

GMT 17:56 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

اللاعب محمد الناهيري يعود إلى الفتح الرباطي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib