إشكالية البحث عن مخرج من الاستعصاء الفلسطيني

إشكالية البحث عن مخرج من الاستعصاء الفلسطيني

المغرب اليوم -

إشكالية البحث عن مخرج من الاستعصاء الفلسطيني

بقلم - عريب الرنتاوي

عرض المفكر المصري عبد المنعم سعيد في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، لمضامين «ورقة سياسات» قدمها الدكتور خليل الشقاقي حول التحديات والتهديدات التي تجبه القضية الفلسطينية في لحظتها الراهنة، وسبل مواجهتها والخروج من أزمة استعصائها، أشاد بالطابع المهني الراقي للورقة، وما استبطنته من تشخيص دقيق للحالة الفلسطينية، لكنه لم يمنح الجزء الأخير من الورقة، والمتعلق بسبل الخروج من التحديات ومجابهة التهديدات «العلامة» ذاتها التي منحها للتحليل والتشخيص.
لست هنا بصدد عرض ورقة الشقاقي، واستطراداً مقالة الدكتور سعيد، فالورقة والمقالة متوفرتان لمن يرغب في الاستزادة ... بيد أنني بصدد التوقف عند معضلة البحث عن حلول ومخارج للاستعصاء الفلسطيني في بعديها الداخلي والإسرائيلي سواء بسواء ... كثرة هي الأوراق و»تقديرات الموقف» والأبحاث، قدمت في هذا السياق، وبعضها لا يقل جودة ومهنية عن ورقة الشقاقي، بيد أنها جميعها تتلعثم وترتبك عندما تصل إلى الفصل الأخير، الخاص بصياغة المخارج والتوصيات وسبل الإفلات من الاستعصاء ... وكاتب هذه السطور، مرّ بهذه «المحنة» في غير مناسبة وأكثر من مرة.
إن أنت قلت إن نقطة البدء في الخروج من الاستعصاء إنما تتمثل في استئناف المصالحة واستعادة الوحدة، بوصفها شرطاً لازباً لأية استراتيجية استنهاض للحالة الفلسطينية ... فأنت تعرف مسبقاً، أن المصالحة والوحدة، تزدادان صعوبة يوماً إثر آخر، وتتحولان إلى انفصال مؤسساتي وسياسي واجتماعي وجغرافي لا فكاك منه.
وإن أنت قلت إن الحاجة باتت ماسّة لبعث وترشيق الحركة الوطنية الفلسطينية للقيام بمهمتها الأصلية في قيادة شعبها إلى ضفاف الحرية والاستقلال، فأنت تعرف بلا شك، أن حالة «الشيخوخة» و»الترهل» التي ضربت جذوراً عميقة في بنى ومؤسسات وأحزاب وفصائل ورموز هذه الحركة، تجعل من المتعذر ترجمة شعار لم يفارق الحركة الوطنية منذ عقود ثلاثة على أقل تقدير، ومن دون جدوى أو تقدم.
وإن أنت دعوت لمراجعة تجربة ربع قرن من الفشل في الوصول إلى الحرية والاستقلال أو في بناء «مشروع» دولة حديثة وديمقراطية قائمة على سيادة القانون، فأنت معرض للإصابة بخيبة أمل عميقة، عندما ترى «خياركم في الجاهلية» هم أنفسهم «خياركم في الإسلام»، إذ ليس من بين النخبة التي قادت المشهد الفلسطيني طول الفترة الماضية، من ينتابه إحساس بالأسف على موقف أو سلوك، أو من هو مستعد لتحمل أوزار الفشل أو حتى الاعتراف به ... «الشمّاعات» جاهزة دائماً لتُعلق عليها كافة الأوزار والمسؤوليات.
وإن أنت قلت إن «حل الدولتين» بالصيغة التي عرف بها لم يعد قائماً، وأن المشروع الوطني الفلسطيني بات في أمس الحاجة لإعادة التعريف، وبناء توافقات وطنية جديدة حول ماهية هذا المشروع في المرحلة المقبلة وعناوينه وأهدافه، تصطدم بجدار من الرفض والصد، وجدران من المصالح المتراكبة فوق مؤسسات الأمر الواقع في كل من الضفة وغزة سواء بسواء.
وإن أنت عرضت لإشكالية الكفاح وأدواته، التي يتعين على الشعب الفلسطيني اعتمادها وتفعيلها، تفجؤك «قلة الحيلة» و»المزايدات» و»المناقصات»، وتصدمك «الرطانة» غير المكلفة عن المقاومة المدمرة والمزلزلة، حتى وهي تتحول إلى مجرد جهاز أمني، لا وظيفة له سوى حماية «سلطة الأمر الواقع» ومنظومة امتيازاتها، فيغيب المنطق ويستقيل العقل.
وإن أنت تقدمت بمقترح تفعيل البعد «القومي» في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تصطدم بجدار النظام العربي، وتوزع العواصم العربية على المحاور والأحلاف المتصارعة، وتبدل الأولويات العربية والإسلامية بصورة صادمة، لكنك تفعل ذلك في نهاية المطاف، وإن من باب «إبراء الذمة والضمير».
مشكلة البحث عن مخارج وحلول تصطدم بغياب «الروافع السياسية» و»الحوامل الاجتماعية» التي يمكنها النهوض بمشروع استنهاضي فلسطيني ... تصطدم بـ»العقل الفلسطيني الرتيب» الذي يقاوم الجديد ويخشى التفكير من خارج الصندوق ... لذلك غالباً ما تأتي الأبحاث والأوراق السياسية، الحسنة منها والرديئة، بالخلاصات ذاتها والتوصيات المكررة والمعروفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكالية البحث عن مخرج من الاستعصاء الفلسطيني إشكالية البحث عن مخرج من الاستعصاء الفلسطيني



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

GMT 17:56 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

اللاعب محمد الناهيري يعود إلى الفتح الرباطي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib