لغة القوة“ في علاقة واشنطن بأنقرة

لغة القوة“ في علاقة واشنطن بأنقرة

المغرب اليوم -

لغة القوة“ في علاقة واشنطن بأنقرة

بقلم : عريب الرنتاوي

كيف ستمنع واشنطن تركيا مِن شنّ حربٍ على الكيان الكردي في شمال شرق سوريا؟

سؤال استدعته تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الجديد مارك إسبر التي حملت المضمون ذاته … ولأن لغة التهديد والوعيد الأمريكية صدرت هذه المرة عن «جنرال في الخدمة» وليس عن أي مسؤول سياسي، فقد أمكن تأويل هذه التصريحات على أنها تستبطن لغة القوة العسكرية، وليس وسائل الضغط الاقتصادية (العقوبات) أو الدبلوماسية فحسب.
 
لا أحسب أن الولايات المتحدة تضع خيار «القوة العسكرية» جدياً على مائدة خياراتها لحسم الخلاف مع تركيا … هي لم تفعل ذلك مع إيران، برغم الصفعات المتكررة التي وجهتها طهران وحلفائها ضد واشنطن وحلفائها، فهل ستفعلها مع «شريك في الناتو»، يحتفظ بأحد أقوى وأكبر جيوشه؟ … وهل ستقف أنقرة مكتوفة الأيدي في حال وقع «التحرش العسكري» الأمريكي بقواتها، وكيف ستتصرف؟ … وأية تداعيات ستترتب على أمن المنطقة بأسرها واستقرارها، أن «تُرجمت» هذه الأقوال الحمقاء إلى أفعال؟

لقد سبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تهدد تركيا بسحق اقتصادها وعملتها الوطنية إن تطلب الأمر، ورفع أكثر من مسؤول أمريكي عقيرته بالتهديد والوعيد إن أتمت أنقرة صفقة «إس 400» … لكن تركيا أعطت هذه التهديدات أذنا من طين وأخرى من عجين، ونجحت دبلوماسيتها في إمساك «الثور الأمريكي الهائج» من قرنيه … بيد أنه عاد للتفلت من جديد، منطلقاً هذه المرة من البنتاغون، رمز القوة العسكرية الأمريكية الضاربة.

نحن لا نستبعد أن تكون «حرب الكلام» المندلعة بين واشنطن وأنقرة، هي وسيلة الدولتين لتحسين شروط الاتفاق على «المنطقة الآمنة» شمال شرق سوريا … أردوغان بدوره لطالما «أرغى وأزبد» ملوحاً بالحرب وخياراتها من دون أن يرسل بجندي واحد إلى الداخل السوري، قبل الحصول على ضوء أخضر من روسيا والولايات المتحدة، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن تهديداته الأخيرة مختلفة عن سابقاتها … وإدارة ترامب بدورها، لطالما تهددت تركيا بأوخم العواقب في ملفات عديدة، من دون أن تنقل أقوالها إلى أفعال … ومن المرجح أن تكون «حرب المايكروفونات» المندلعة حالياً بين الجانبين، تزامنا مع استمرار المفاوضات العسيرة الدائرة بين الموفد الأمريكي لسوريا جيمس جيفري والقادة الأتراك، هي وسيلة يلجآن إليها عند كل فشل أو تعثر.
 
على أن لجوء واشنطن للغة التهديد والوعيد ضد واحد من أهم حلفائها الإقليميين، دع عنك خصومها وأعداءها، إنما يشف عن «العقلية» التي تحكم سلوك إدارة ترامب وتتحكم بقراراتها وسياساتها … إذ حتى الآن، هدد الرئيس ترامب ثلاث دول بمحوهما عن خريطة العالم كلية (كوريا الشمالية وإيران وأفغانستان مؤخراً) وتوعد دولاً أخرى بسحق اقتصادها وخنقها (الصين، روسيا، فنزويلا، إيران، المكسيك، فلسطين وتركيا)، فيما نصف البشرية أو أزيد، يرزح اليوم تحت نير العقوبات الأمريكية المتفاوتة التي تفرض واشنطن بالجملة والمفرق … لم يعد أحد يذكر القانون الدولي أو يستذكر الأمم المتحدة … لغة القوة المتغطرسة هي التي تفعل فعلها في السياسة الخارجية الأمريكية كما في السياسة الداخلية، بدلالة أن «الإرهاب الداخلي»، المنفلت على خلفية عنصرية وكراهية الآخر، قد بات التهديد الأكبر لأمن الولايات المتحدة، حيث فاقت أعداد ضحاياه أعداد الضحايا الأمريكيين في حروب واشنطن ومعاركها الخارجية.

ترامب ليس خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وعلى خصوم الولايات المتحدة وحلفائها في العالم فحسب، بل وأصبح يشكل تهديداً لأمن أمريكا وسلمها الداخلي، كما تتعزز القناعة لدى كثيرٍ من الأمريكيين، فهل سيقف الشعب الأمريكي بمسؤولية وجدية أمام هذا التهديد في عام الانتخابات الرئاسية المقبل، أم أنه باختياراته الخاطئة سيُبقي الباب مفتوحًا للفوضى والكراهية والعنصرية وعدم الاستقرار الدولي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة القوة“ في علاقة واشنطن بأنقرة لغة القوة“ في علاقة واشنطن بأنقرة



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib