الفلسطينيون والجامعة العربية

الفلسطينيون والجامعة العربية

المغرب اليوم -

الفلسطينيون والجامعة العربية

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

أحسب أنها المرة الأولى، التي تُطرح فيها "عضوية فلسطين في جامعة الدول العربية" على أجندة الجدل الوطني الفلسطيني منذ أن تأسست منظمة التحرير وانطلقت فصائلها قبل أزيد من خمسة عقود، مع أن الفلسطينيين، منظمة وفصائل ورأي عام، لطالما نظروا بكثير من الألم والإحباط للجهود المتواضعة التي بذلها هذا ."المنتظم القومي"، دعماً لقضيتهم وإسناداً لكفاحهم، وهي الجهود التي كانت تزداد تضاؤلاً باضطراد على وقع التآكل الذي كان يصيب العمل العربي المشترك

ثمة مراحل عدة، مرت بها العلاقة بين الفلسطينيين والجامعة، ولا يمكن إنكار أن الاعتراف الأهم بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني بدأ مع قمة الرباط 1974، وكان مدخلاً لاعترافات دولية لاحقة...ولا يمكن التنكر للدعم المالي العربي، تحت مظلة الجامعة، الذي قدم للمنظمة والسلطة (لاحقاً)، مع أنه كان باستمرار دون مستوى التعهدات التي يقطعها القادة العرب على أنفسهم في قممهم المتلاحقة...ولا يتعين التقليل من حقيقة أن الموقف الفلسطيني، ظل إلى حد كبير، المحدد والمقرر للبيانات الختامية للجامعة، حتى وإن ظلت حبراً على ورق.

مشكلة الفلسطينيين مع جامعة العرب، أنهم عوّلوا عليها كثيراً، فكانت محطتهم الأولى عند كل منعطف، تليها محطات إسلامية وأممية، وغالباً من دون أن يترافق ذلك، مع سعي حثيث لبناء عناصر القوة والاقتدار الذاتيين، وفي سياق خلل استراتيجي أعظم، تجلى بالأساس بوضع كل البيض في سلة المفاوضات والخيار الدبلوماسي والرهان على المجتمع الدولي...والمشكلة الأعمق، أن هذا التعويل وتلك الرهانات، ظلت مستمرة وكأن شيئاً لم يطرأ على النظام العربي ولا على أولويات دوله وحكوماته...ظللنا نفعل المزيد من الشيء ذاته، مع أن العالم العربي وجامعته، كانا يتغيران من حولنا.

كيف نتصرف اليوم، بعد أن بلغ الانهيار بالنظام العربي مبلغه، وتنكرت الجامعة للتفويض الذي أنشئت من أجله: فلسطين، وبعد أن فقدت الأخيرة "حق الفيتو" على الجزء المتعلق بها من قرارات الجامعة وبياناتها الختامية، وبعد أن أطاح العرب بمبادرتهم للسلام، وبعد أن طغت أولويات بعض المحاور العربية، على الأولوية الأولى التي نشأ النظام العربي على أساسها: فلسطين؟

المُطَالِبون بالانسحاب من الجامعة رداً على التطورات الأخيرة في المشهد العربي، "يتطيرون" قليلاً، رغم أن الجامعة لم تعد، ولم تكن، "فرس الرهان" الذي يمكن التعويل عليه...فالمنظمة تبحث عن "عضوية" أي منتظم عالمي أو إقليمي، وستكون سعيدة إن عرضت عليها عضوية نادي دول "الساحل والصحراء"، وهي كانت سعيدة أصلاً بعضوية الاتحاد الأفريقي، برغم أن فلسطين تقع خارج جغرافيا القارة السوداء...المطلوب البقاء في الجامعة من دون تعويل ورهان كبيرين، و"التحرر" من بعض الضغوط التي كانت تملي على ممثليها مواقفهم المسايرة والمحابية لهذه العاصمة أو تلك، بل والتصدي لبعض الدول التي تناصبهم العداء، في ملفات أخرى، تكون معروضة في العادة على جداول الأعمال...يجب تفعيل دور فلسطين في الجامعة، بدل الانسحاب منها، على أن يشمل هذا التفعيل مختلف الملفات المعروضة، وليس ملف فلسطين وحده.

ثم، من قال أن الجامعة ستنهار إن خرجت فلسطين منها؟...سبق لمصر، زعيمة العالم العربي، إن "أخرجت" منها وبقيت الجامعة...وسوريا الدولة العربية الوازنة، مضى على تجميد عضويتها في الجامعة قرابة العقد، وظلت الجامعة...والجامعة بهياكلها وأدائها المعروفين، ستستمر بفلسطين أو من دونها، وعلينا أن ندرك أن أحداً لم يعد يكترث بالقيمة "المعنوية" التي تضفيها فلسطين على مؤسسة الجامعة، بعد أن بلغ الصلف ببعض العرب، حداً غير مسبوق، وهم جعلوا من فلسطين "هدفاً" لسهامهم الطائشة، وأخذوا يرددون كالببغاوات، الرؤية والرواية الإسرائيليتين للصراع العربي – الإسرائيلي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون والجامعة العربية الفلسطينيون والجامعة العربية



GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib