سوريا عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون

سوريا: عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون

المغرب اليوم -

سوريا عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

يعود المشهد السوري للتعقيد مجدداً بعد أن لاحت في الأفق بوادر انفراج واقتراب من ضفاف الحلول والتهدئة المستدامة... المشهد في المناطق السورية المختلفة، يتفاعل على وقع «دينامكيات» تكاد تكون مستقلة عن بعضها البعض، بعد أن تحولت الأزمة السورية إلى سلسلة من الأزمات المتراكبة، لكل منها جغرافيتها ولاعبوها ومآلاتها.

المسار الدستوري، وبعد موجة التفاؤل التي أثارتها تصريحات غير بيدرسون، عاد الرجل لتشاؤمه، وقرر الامتناع عن دعوة اللجنة الدستورية (المصغرة) للاجتماع قريباً، بعد أن اتسعت شقة الخلاف، بين وفد الحكومة المطالب بتبني «إعلان مبادئ» تلتقي حوله مختلف الأطراف السورية تشمل الإصرار على وحدة سوريا دولة وشعباً وجيشاً ومؤسسات، وتضع محاربة الإرهاب في صدارة أولوياتها، وتندد بمختلف أشكال التدخل العسكري في سوريا وضدها... ووفد معارض، يتطلع للدخول في صميم «إصلاح دستوري» ينتهي إلى دستور جديد للبلاد، ينسجم مع مطالب المعارضة بتقليص صلاحيات الرئاسة ونظام برلماني – رئاسي، ولامركزية إدارية، وغيرها من عناوين.

الوضع في الشمال الشرقي، يثير القلق، مع تواتر التقارير عن سعي أمريكي حثيث لترميم آبار النفط وتوسيعها وزيادة قدرتها الإنتاجية، وتولي الاشراف على بيع الخام وتسويقه، وتوظيف عائداته يما يخدم أجندة بناء كيان كردي مستقل أو شبه مستقل، تفصله عن أنقرة «منطقة عازلة»، وتكون وظيفته مناكفة دمشق وحلفائها، حتى وإن أفضى الأمر إلى تهديد وحدة سوريا وسيادتها.

في المقابل، تسعى أنقرة للسيطرة على النفط السوري ذاته، ولكن لتوظيفه هذه المرة، في تمويل مشروع «الهندسة الديموغرافية الجديدة»، التي ترمي تركيا من ورائه إلى توطين مليون لاجئ سوري، عرب وتركمان، في مناطق ذات غالبية كردية، لتعزيز المنطقة الآمنة، وتطويق أي كيان كردي ناشئ، وخلق درع بشري فاصل بين أكراد سوريا وأكراد تركيا.

في هذا المناخ، يستجيب بعض العرب لنداء واشنطن، طوعاً أو رغبة في مناكفة تركيا، فيضعون خبراءهم وبعض من قواتهم، في خدمة مشروع «نهب النفط السوري» الذي يديره ويراعاه ترامب وإدارته ... يستقبلون قيادة قسد ويمدونها بالمال والسلاح، وأخيراً بالنفط، لتحقيق أغراض تكتيكية في مواجهة تركيا، وينسون أنهم بذلك إنما يقامرون استراتيجياً بوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها.

في المقلب الآخر، الشمالي – الغربي من سوريا، تفوح رائحة صفقة، طرفاها أنقرة وموسكو، تشي بإمكانية فتح معركة إدلب على مصراعيها، في ظل تواتر المعلومات عن انسحابات تركية من نقاط المراقبة المنتشرة في هذه المحافظة وجوارها، وحديث عن تقدم سوري باتجاه معرة النعمان وسراقب، فيما السؤال الحائر: لماذا تفعل تركيا ذلك، وهل منحت عملية استعادة إدلب، ضوءاً أخضر؟ ...هل ثمة مقابل ستجنيه أنقرة في أماكن أخرى: شرق الفرات مثلاً، وفي مواجهة الأكراد، أم في ليبيا التي تحولت إلى نقطة جذب استراتيجية، تفوح منها روائح النفط والغاز؟ ... البعض يقترح أن «التراخي» التركي في إدلب إنما مرده إخفاق أنقرة في الوفاء بالتزامات «سوتشي» وعدم نجاحها في «فصل» المعارضة المعتدلة عن المتطرفة، وإحساسها بتعاظم ثقل الملف وكلفته الباهظة التي تفضل أن يدفعها الجيش السوري، على أن تدفعها هي من كيس قواتها أو حلفائها المنذورين لمهام في الشرق السوري، وربما في الغرب الليبي.

خلاصة الأمر، سوريا ما زالت ساحة حرب بالوكالة، يزداد أوار حرائقها المشتعلة مع تعاظم العقوبات الأمريكية بعد إقرار «قانون قيصر»، وفي ظل تداخل السياسات السورية للدول المنخرطة في الأزمة مع سياساتها الداخلية خصوصاً في أزمنة الانتخابات العامة ومواسمها، من واشنطن إلى تل أبيب مروراً بأنقرة.

 

قد يهمك ايضا
صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي
عن «سُعار» ساعر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون سوريا عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

GMT 17:56 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

اللاعب محمد الناهيري يعود إلى الفتح الرباطي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib