بيروت - المغرب اليوم
السماء فوق الشرق الأوسط تشهد ارتباكاً جوياً غير مسبوق، مع استمرار التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، ما تسبب في إغلاقات مؤقتة للأجواء، تغيير مسارات الطائرات، وتعليق رحلات من وإلى عدة دول.
منذ اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو/حزيران، شهدت حركة الطيران المدني في المنطقة تغيّرات دراماتيكية. فقد دفعت الضربات الجوية المتبادلة وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة إلى إجراءات استثنائية في عدد من الدول المجاورة، لا سيما الأردن والعراق وسوريا ولبنان.
في الأردن، جارة إسرائيل الشرقية، أُغلق المجال الجوي مرتين خلال الأيام الأولى من التصعيد، خاصة بعد سقوط بعض الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيّرة داخل أراضيه. لكن المملكة أعادت فتح أجوائها سريعاً، مع الالتزام بإجراءات أمنية دقيقة.
وقال الكابتن هيثم مستو، رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم الطيران المدني الأردني، إن بلاده تعتمد "منهجية تقييم مخاطر" تُفعل عند وجود تهديد مباشر، مؤكداً وجود "تنسيق مدني-عسكري فعّال" لتوجيه الطائرات وتحذيرها في الوقت المناسب.
وأشار مستو إلى أن الطائرات تُطلب منها تحميل وقود إضافي كإجراء احترازي، في حال اضطرت لتغيير وجهتها أو الابتعاد عن المسارات الخطرة. كما أضاف أن الأردن بات "ملاذاً آمناً" لإجلاء رعايا دول أجنبية، حيث استُخدم مطار الملكة علياء كنقطة انطلاق للرحلات الإنسانية.
تراجعت حركة القدوم والمغادرة عبر مطار الملكة علياء بنسبة تصل إلى 40%، بحسب مستو، بسبب إلغاء أو تعليق العديد من الرحلات الدولية. ومع ذلك، ازداد الطلب على رحلات شركة "الملكية الأردنية"، رغم بعض التعديلات على برامجها.
من جانبه، أشار المدير التنفيذي للملكية الأردنية، سامر المجالي، إلى اعتماد "نظام جديد" يسمح بإبقاء المجال الجوي مفتوحاً حتى مع مرور الصواريخ أو المسيّرات، طالما يمكن للطائرات المدنية تجنب مساراتها.
في العراق، تم إغلاق معظم المطارات فور بدء التصعيد، باستثناء مطار البصرة الدولي الذي سُمح له باستئناف الرحلات في النهار فقط. ووفق وزارة النقل العراقية، تم تنفيذ 74 رحلة خلال أسبوع واحد، لنقل أكثر من 23 ألف مسافر، بينهم عراقيون وجنسيات أجنبية.
لكن الحكومة العراقية أعربت عن قلقها من تكرار الانتهاكات الجوية من قبل "الطيران الصهيوني"، معتبرة أن ذلك يهدد سلامة الملاحة الجوية.
أما في سوريا، فقد أوقفت "الخطوط الجوية السورية" جميع رحلاتها مؤقتاً، قبل أن تُعيد جدولتها عبر مطار حلب الدولي بعد تعذر استخدام مطار دمشق بسبب إغلاق الممرات الجوية. وأكدت الشركة أن بعض الرحلات ستسلك مسارات عبر البحر، ما قد يؤدي إلى زيادة زمن الرحلات.
أغلق لبنان مجاله الجوي مؤقتاً، ثم أعاد فتحه في اليوم التالي للهجوم الإسرائيلي على إيران. وقال وزير الأشغال اللبناني، فايز رسامني، إن القرار اتُخذ لدواعٍ أمنية بحتة، مؤكداً أن استراتيجية فتح الأجواء جرى تبنيها بعد "دراسة معمّقة" بالتنسيق مع الطيران المدني.
كما أعلنت "طيران الشرق الأوسط" عن تقديم مواعيد إقلاع عدد من رحلاتها لتفادي المسارات الخطرة، مع إلغاء رحلات إلى بغداد وأربيل.
على خلفية التطورات، علّقت العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الشرق الأوسط، أو غيّرت مساراتها لتفادي الطيران فوق إيران، العراق، سوريا، وإسرائيل. وقد أظهر موقع FlightRadar24 فراغاً كبيراً في الفضاء الجوي للمنطقة، في مشهد غير مألوف.
باتت الأجواء الشرق أوسطية بالغة الأهمية بعد إغلاق المجال الجوي الروسي والأوكراني جراء الحرب، ما يجعل أي تصعيد إضافي في المنطقة يشكل تهديداً مباشراً لحركة الملاحة بين الشرق والغرب.
أمام تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، تتعامل دول الشرق الأوسط بحذر بالغ في إدارة أجوائها. تنسيق عسكري-مدني، تعديلات على المسارات، وتوجيهات صارمة للطائرات باتت سمة المرحلة، في وقت يتساءل فيه الجميع: إلى متى ستظل السماء ميداناً للصواريخ لا للمسافرين؟
قد يهمك أيضــــــــــــــا


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر