بيروت -المغرب اليوم
قلبت الحرب الإسرائيلية-الأميركية الأوضاع في لبنان، وحوّلت آمال اللبنانيين بصيف واعد وقدوم مئات آلاف السياح إلى هجرة معاكسة ترجمتها كثافة المغادرين من العرب والأجانب مطار رفيق الحريري الدولي، خوفاً من تطوّر أمني يؤدي إلى توقف حركة الطيران بشكل مفاجئ، خصوصاً بعد دخول الولايات المتحدة هذه الحرب، وتوجيه ضربات إلى المفاعل النووي الإيراني، ما ينذر بتوسّع دائرة هذه الحرب.وقال مصدر أمني إنه «بسبب توقّف أغلب شركات الطيران، بدّل آلاف المسافرين تذاكرهم إلى طيران (الميدل إيست) ليتمكنوا من مغادرة لبنان، سواء ممن انتهت إجازاتهم، أو الذين آثروا السفر مبكراً تحسباً لأي طارئ». ولم يخفِ المصدر أن «المخاوف الأمنية من انعكاسات الحرب على لبنان تسرّع في إنهاء السياح إقامتهم وإجازاتهم في لبنان، والسفر إلى بلادهم».
وفي وقت كانت الحجوزات على شركات الطيران المدني تتحدث عن 120 رحلة جويّة في اليوم الواحد إلى مطار بيروت، تبدّل المشهد وبات الضغط بالاتجاه المعاكس، وأشار مصدر في المطار إلى أن «معظم شركات الطيران متوقفة عن تسيير رحلاتها إلى بيروت بسبب ارتفاع منسوب المخاوف الأمنية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه بالإضافة إلى شركة «طيران الشرق الأوسط الوطنية» (ميدل إيست) هناك 5 شركات ما زالت تسيّر رحلات إلى مطار بيروت هي: «الاتحاد» (الإماراتية) و«فلاي دبي»، و«التركية» و«القبرصية» و«القطرية»، وهذا انعكاس للقلق من تداعيات الحرب، والتي تشكل خطراً على الملاحة الجوية في معظم مطارات المنطقة، ومنها لبنان.
وهذا الوضع ينعكس تراجعاً بالموسم السياحي في الفنادق والمطاعم وباقي المؤسسات السياحية التي ألغيت حجوزاتها بنسبة كبيرة. وقال رئيس الهيئات الاقتصادية، الوزير السابق محمد شقير، إن «الموسم السياحي ضُرب، بدليل إلغاء آلاف الحجوزات في الفنادق، وعزوف الإخوة العرب والخليجيين عن المجيء إلى لبنان بفعل خطر الحرب». أضاف شقير لـ«الشرق الأوسط»: «موسم الاصطياف الذي كان واعداً تبدد إلى حدّ كبير، ولا يمكن تغيير الواقع إلّا في حال توقفت الحرب خلال أيام قليلة»، مشيراً إلى أن معظم شركات الطيران التي كانت تكثّف رحلاتها إلى بيروت توقفت نهائياً.
ضربة قاسية للموسم السياحي
وأكثر من تلمّس التأثيرات السلبية لهذه الحرب هي الشركات السياحية التي رصدت مدى التراجع في نسبة تذاكر السفر وحجوزات الفنادق، واعتبرت إيميه أشقر، المديرة العامة لشركة «تانيا ترافل» للسياحة والسفر، أن الحرب «سددت ضربة قوية للموسم السياحي في لبنان، وتسببت بإلغاء آلاف الحجوزات وتسريع مغادرة سياح عرب وأجانب على وجه السرعة». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «شركات السياحة تراقب مدى تحسّن الحجوزات وتراجعها عبر طريقتين، الأولى حركة الطائرات في مطار بيروت الدولي، والثانية تذاكر السفر والإقامة في الفنادق، من دون إغفال أهمية قطاع تأجير السيارات». وأشارت إلى أنه في الثلث الأول من شهر يونيو (حزيران) تراجعت الرحلات القادمة إلى مطار بيروت من 85 رحلة يومياً إلى ما بين 30 و35 أغلبها لـ(طيران الشرق الأوسط) اللبنانية».
ويدفع قطاع الفنادق الثمن الأكبر لهذه الأزمة، إذ لفتت إيميه أشقر إلى أن «نسبة الإشغال في الفنادق قبل 13 يونيو تراوحت ما بين 80 و90 في المائة، لكنها تراجعت بعد اندلاع الحرب إلى ما دون الـ30 في المائة»، لافتة إلى أن «الحجوزات المسبقة على الرحلات الجوية كانت تنبئ باستقبال مطار بيروت نحو 125 رحلة يومياً خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، ونسبة الحجوزات في الفنادق نحو 95 في المائة». أضافت: «مؤشرات موسم الاصطياف كانت واعدة جداً، وبدأنا باستقبال الآلاف من الأشقاء العرب، من كويتيين وقطريين وإماراتيين ومصريين وعراقيين، لكن بعد أيام قليلة على اندلاع الحرب، غادر معظم هؤلاء لبنان، ومعهم أيضاً مغتربون لبنانيون ممن آثروا قطع إجازاتهم والعودة من حيث أتوا».وهذا ما كان أشار إليه نقيب أصحاب الفنادق، بيار الأشقر، لافتاً في بيان له قبل أيام إلى «حصول إلغاءات وبنسب كبيرة في حجوزات القادمين إلى لبنان، وفي حجوزات الفنادق أيضاً».وقال الأشقر: «بعدما كانت كل المؤشرات بشأن الموسم السياحي في الصيف مشجعة وإيجابية بشكل كبير، بات القطاع السياحي اليوم برمته متشائماً»، لافتاً إلى أن «انعكاس الحرب سيطال مختلف القطاعات السياحية من دون استثناء، وصولاً إلى الاقتصاد الوطني».
إصرار المغتربين على القدوم إلى لبنان
مقابل عزوف السياح عن القدوم إلى لبنان للأسباب الأمنية، ثمّة إقبال لافت من المغتربين اللبنانيين على القدوم إلى بلدهم، وقال مسؤول في شركة «ميدل إيست»، في هذا الإطار لـ«الشرق الأوسط»، إن «رحلات المغادرة وأغلبها على متن طيران (ميدل إيست) ممتلئة بنسبة 90 في المائة، وهذا مفهوم في ظلّ تقصير بعض السياح لإجازاتهم في لبنان والمغادرة تحسباً لأي طارئ»، لافتاً إلى أن شركة «ميدل» لم تزد في نسبة الرحلات من لبنان إلى الخارج باستثناء رحلة واحدة إلى باريس يوم السبت». وأكد في الوقت نفسه أن «الرحلات من الخارج إلى لبنان مزدحمة، وأن أغلب الركاب من المغتربين اللبنانيين القادمين لقضاء إجازاتهم في لبنان». وقال: «كل الرحلات المعتمدة سواء من قبل الـ(ميدل إيست) أو من شركات الطيران العربية والأجنبية ما زالت قائمة في مواعيدها المحددة سابقاً».
قد يهمك أيضــــــــــــــا
وجهات صيفية لا تُفوّت لعشاق البحر والمغامرة في سيشل
السياحة الداخلية في مدينة أغادير تدفع ثمن فوضى الايجارات


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر