ما فعلناه بـ ماما نوال

ما فعلناه بـ ماما نوال

المغرب اليوم -

ما فعلناه بـ ماما نوال

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لو عاش الأديب الإيطالى أمبرتو إيكو إلى اليوم، لكان قد تابع ما فعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالدكتورة نوال الدجوى، ثم أطلق زفرة من الأسى وهو يقول: قلت لكم فلم تصدقونى. أما لماذا هذا الرجل دون بقية خلق الله، فلأنه كان الأسبق إلى تصوير حقيقة ما يجرى على مواقع التواصل.. فهو قد رحل فى ٢٠١٦، ولم تكن هذه المواقع بالتوحش الذى صارت إليه فى حياتنا العامة، ولا كانت قد وصلت إلى واحد على عشرة من توحشها الذى لا يعرف إلا الله تعالى مدى ما يمكن أن تأخذ الناس إليه. كان أديب إيطاليا الشهير قد قال إن هناك وجهًا من وجوه الشبه بين مواقع التواصل وبين حانات الليل..

وكان يستدرك ليقول إن فارقًا مهمًا يظل بينهما.. أما وجه الشبه فهو أن رواد الحانات كانوا يشربون، وكان أحدهم إذا طاح ما يشربه بعقله راح يقول أى شىء وكل شىء، ولكن فى الغالب كان أحد الحاضرين يتطوع بإسكاته بالقوة.. وكان يسكت على الفور.. يضيف أمبرتو أن مواقع التواصل تشبه فى غالبيتها حانات الليل هذه، ولكن مع هذا الفارق الوحيد وهو أن السكارى عليها لا يجدون أحدًا يُسكتهم أو يُلزمهم حدود الأدب!، كان إيكو يسمى رواد مواقع التواصل من هذه النوعية «جحافل الأغبياء»، وكان يقول إن المشكلة ليست فى أنهم أغبياء، وإنما المشكلة فى أنهم يتكلمون كعلماء!..

وكان يذهب إلى وصف المشهد فى مجمله بأنه: غزو الأغبياء!، لاحظ أنه قال هذا قبل تسع سنوات.. وفى ذلك الوقت كانت مواقع التواصل موجودة، ولكنها لم تكن كما هى عليه الآن، ولا كان أغبياء أمبرتو إيكو قد تكاثروا وتناسلوا عليها حتى وصلوا إلى ما هُم عليه بعد ما يقرب من عقد من رحيل الرجل. لا حاجة بى إلى الدخول فى تفاصيل المأساة كاملة الأركان التى تعرضت لها الدكتورة نوال، بدءًا من الإعلان عن سرقة الخزنة فى بيتها، ثم وصولًا إلى الإعلان عن وفاة واحد من أحفادها يرحمه الله.. لا حاجة بنا إلى الدخول فى تفاصيل، فكلها صارت منشورة على مرأى من الدنيا.. ولكن يكفى أن نلتفت إلى البُعد الأهم فى الموضوع كله، وهو أن الدكتورة المسكينة تحولت من «مجنى عليها» فى الواقعة التى أبلغت الشرطة بها، إلى جانية تطاردها اتهامات لا دليل عليها!!..

جانية لم ترتكب أى جريمة من أى نوع!.. حدث هذا بكل ما فى الدنيا من أسف.. وكان هذا هو ملخص القصة المأساوية. ذنب الدكتورة نوال فى رقبة أغبياء أمبرتو إيكو الذين لم يرحموها، ولم يراعوا فيها حُرمة ولا ذمة، ولا احترموا أنها لم تحصل على الأموال التى أبلغت عن سرقتها من جيب أحد دون وجه حق.. يرحم الله حفيدها، ويرحمنا معه، ويمنحها هى الطاقة على الاحتمال. إننى أتخيلها تتابع ما جرى ويجرى ثم تقول: يا ضيعة العُمر الذى قضيته فى تعليم الناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما فعلناه بـ ماما نوال ما فعلناه بـ ماما نوال



GMT 18:02 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

حلبة من دون حبال

GMT 17:58 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

لماذا لم تتعلم إيران من درس حزب الله؟!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

GMT 17:55 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

التاريخ والواقع.. بين الفهم والتضليل

GMT 17:53 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

خامنئي ونتنياهو ومفاتيح ترمب

GMT 17:51 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

من هو والد الشرق الأوسط؟!

GMT 17:50 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

هل ستكون الحرب الأخيرة؟

GMT 17:48 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

ما البديل أمام «حزب الله»؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib