حرق جثمان عبقري

حرق جثمان عبقري

المغرب اليوم -

حرق جثمان عبقري

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

روى الدكتور مصطفى الفقى فى سيرته الذاتية وقائع حرق جثمان الابن الأصغر لأنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند وقتها. كان الدكتور الفقى دبلوماسياً فى سفارتنا هناك.. وكان الابن سانجاى قد لقى مصرعه فى حادث، وكانت الأم تجهزه ليجلس فى مكانها على رأس الهند، ولكن هذا لم يمنعها من أن تقف لتشهد وقائع حرق جثمانه، كما تقضى طقوس الهندوس.

الأغرب أنها لما بلغها نبأ مصرعه طلبت أن يأتوا لها بساعة يده على الفور، لأنه كان يحتفظ فيها بأرقام حساباته فى الخارج!.. وما إن جاءوا بالساعة حتى راحت تنشغل بتجهيز الابن الآخر راجيف غاندى الذى جلس فى مكانها بالفعل فى مرحلة لاحقة!.

وكان الظن أن حكاية حرق جثامين الموتى تحتكرها الهند وحدها ويحتكرها الهندوس فيها، ولكن رحيل أديب نوبل ماريو ڤارجاس يوسا قبل أيام بدد هذا الظن، وأشار إلى أن هذه الطقوس موجودة خارج الهند، لا عند الهندوس وحدهم.

كان الأديب ڤارجاس يوسا قد نشأ فى البيرو التى تقع أقصى أمريكا الجنوبية، وكان قد عاش فى البداية مغمورًا لا يكاد يسمع عنه أحد خارج حدود قراء اللغة الإسبانية، فهى اللغة التى عاش يكتب بها أدباء بلاده مع بلاد أمريكا الجنوبية كلها، ورغم أنه خاض انتخابات الرئاسة عام ١٩٩٠، إلا أن وجوده فى السباق الرئاسى لم يكن هو سبب شهرته التى مات عليها.

كانت جائزة نوبل هى السبب، وكان بعد أن حصل عليها فى ٢٠١٠ قد استحق الجلوس إلى جوار نجيب محفوظ.. فلا تزال نوبل هى الجائزة الأرفع فى العالم، ولا تزال تنقل حائزيها من الأرض إلى السماء، ولم يعرف محفوظ المال الحقيقى، ولا السُّمعة الأدبية الرفيعة، ولا الانتشار الواسع، إلا بعد أن زارته هذه الجائزة فى ١٩٨٨.

وإذا لم تكن أنت قد طالعت شيئًا لڤارجاس يوسا، فإننى أدعوك، لأنك ستقرأ أدبًا من النوع الرفيع، ولأنك ستقرأ أدبًا يختلط بالحس الإنسانى العالى كعادة الأدب فى أمريكا الجنوبية.. وعندما حضر الموت ڤارجاس يوسا كان فى سن التاسعة والثمانين، وكان قد أوصى بحرق جثمانه!.. وهذا ما حدث بالفعل فى محرقة عامة فى عاصمة البلاد.

الذين كتبوا عنه بعد رحيله وصفوه بأنه «عبقرى الأدب»، ولكن لا تعرف أين كانت عبقريته هذه وهو يوصى بحرق الجثمان؟.. إنك تشعر بأن عبقرية العقل أسعفته فيما عاش يكتبه، وأن عبقرية الفؤاد خذلته، فمات لا يؤمن بدين!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرق جثمان عبقري حرق جثمان عبقري



GMT 18:02 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

حلبة من دون حبال

GMT 17:58 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

لماذا لم تتعلم إيران من درس حزب الله؟!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

GMT 17:55 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

التاريخ والواقع.. بين الفهم والتضليل

GMT 17:53 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

خامنئي ونتنياهو ومفاتيح ترمب

GMT 17:51 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

من هو والد الشرق الأوسط؟!

GMT 17:50 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

هل ستكون الحرب الأخيرة؟

GMT 17:48 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

ما البديل أمام «حزب الله»؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib