بقلم : محمد أمين
توجهت لصلاة الجمعة، كان الخطيب يتكلم عن موضوع المسح على الخفين، وتساءلت: هل هذا الوقت مناسب لهذا الموضوع والأمة الإسلامية فى حالة حرب ومهددة بهجمات العدو الصهيونى؟.. ولكنه راح يشرح أكثر فقال إن المسح له قواعد وشروط ومدة محددة.. وتبتدئ المدة يا عباد الله للمسح على الخفين وعلى الجورب للمقيم أربعًا وعشرين ساعة، وهى يومٌ وليلة، أما المسافر فثلاثة أيامٍ بلياليها أى اثنتين وسبعين ساعة!.
متى تبدأ هذه المدة؟ تبدأ يا عباد الله من أول مسحٍ بعد لبس الخفين؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يمسح المقيم يومًا وليلة ويمسح المسافر ثلاثة أيامٍ بلياليها»[٢]، وقوله: (يمسح) اعتبارٌ بأن المدة تبدأ من أول مسحٍ بعد اللبس، فمثلًا إذا لبس الإنسان جوربيه بعد المغرب ثم نام تلك الليلة ثم قام لصلاة الفجر فتوضأ فيبدأ مسحه من صلاة الفجر إلى يومٍ وليلة، إلى تمام أربعٍ وعشرين ساعة!.
وقال الخطيب: واعلموا عباد الله أن المسح على الخفين إنما شُرع رفعًا للحرج، وتيسيرًا من الله جَلَّ وَعَلا على عباده وأوليائه المؤمنين، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥].. نفعنى الله وإياكم بالقرآن العظيم، وما فى السنة النبوية المطهرة!.
ومن أحكام المسح يا عباد الله أنه يجوز للنساء أن تمسح على الخمر المدارة تحت حلوقهن، التى يشق عليها نزعها لأجل الوضوء ولأجل مسح الرأس، فعندئذٍ تمسح على هذه اللفائف بشرط أن يكون الخمار مدارًا من تحت حلوقهن، مشدودًا عليها شدًا، يصعب عليها أن تزيله، وهذا يكون فى شدائد البرد خصوصًا لمن كانوا فى البرارى والصحارى!.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِى العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَىٰ يَومِ الدِّيْنِ!.
وقد انشغلت بطبيعة الخطبة فى الإسلام، وتذكرت أقصر خطبة قالها مجنون، وهى أقصر خطبة جمعة دوّنت فى التاريخ.. ويقال إن خطيب الجمعة تأخر فاعتلى المنبر مجنون وسلّم على المصلين، وقال:
الحمد لله الذى جعلكم اثنين وقسمكم قسمين.. وجعل منكم فقراء لتصبروا وأغنياء لتشكروا، فلا غنيكم شكر، ولا فقيركم صبر، ولا كبيركم نهى عن المنكر، قلوبكم مملوءة بالحقد والكراهية، لعنكم الله جميعا وقوموا إلى صلاتكم أيها المنافقون!.
ولا أذكرها هنا من قبيل مدح الخطبة وقائلها، وإنما لأنها أقصر خطبة مدونة، وليس لأنها جمعت فأوعت أو أوجزت فأحسنت، وإنما على سبيل التذكرة!.