فكرة التطبيع الحكومي

فكرة التطبيع الحكومي!

المغرب اليوم -

فكرة التطبيع الحكومي

محمد أمين
بقلم : محمد أمين

أظن أن إسرائيل الآن عرفت مكانتها عند العرب جميعا بعد حربها على غزة، وأخيرا حربها على إيران.. وأصبحت فكرة التطبيع بعيدة المنال، ولعلها لاحظت فرحة العرب بضربات إيران على إسرائيل.. بل وفرحة شعوب غربية كثيرة كنوع من الشماتة لضرب غزة.. ولا أظن أن التطبيع الذى تسعى إليها لا يعدو أن يكون علاقات حكومية رسمية فقط مع الحكومات لكنه لن يكون علاقات طبيعية بين الشعوب!.

وقد ظهر مصطلح «التطبيع» بمعناه السياسى بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع «إسرائيل» سنة 1979، التى نصّت على أن يقيم الطرفان فيما بينهما «علاقات طبيعية» كالتى تقوم بين الدول فى وقت السلم، ولكنه لم يتحقق حتى الآن!.

ولم يرد مصطلح التطبيع فى معاجم وقواميس اللغة العربية بمفهومه السياسى المعتمد اليوم فى أدبيات العلاقات الدولية، بينما وردت كلمات مثل الطبع والطبيعة والتطبع والانطباع، وتدور كلها حول معنى السجية التى جُبل عليها الإنسان، حتى يصبح ذلك الطبع «طبعة» أو «دمغة» ملازمة له، وهو أمر يناقض مفهوم «التطبيع» الذى يُقصد به جعل العلاقات بين طرفين عادية وسلمية على عكس حقيقتها القائمة على الأرض!.

ويعد الفيلسوف الفرنسى ميشيل فوكو من أوائل الذين تحدثوا عن مصطلح التطبيع فى كتابه «المراقبة والمعاقبة»، وفى محاضرة بعنوان «الأمن، الإقليم، السكان» عام 1978، إذ قال إن مفهوم التطبيع «يتألف فى الأساس من إنشاء نموذج مثالى يتوافق مع نتيجة محددة!.

ويضيف أن الهدف مما يسميه «التطبيع التأديبى» هو «جعل الأفراد والحركات والإجراءات تتماشى مع هذا النموذج المرسوم بدقة، إذ يعد هذا النموذج المعيار الطبيعى الذى يجب الامتثال له، وكل ما يخرج عن هذا المعيار يعتبر غير طبيعى وغير مقبول»!.

يشير وزن مصطلح تطبيع (على وزن تفعيل) إلى أن التطبيع عملية ممتدة فى الزمن تقوم على كسر الحواجز وعلى الترويض حتى الوصول إلى غاية تحويل وضع ما إلى وضع «طبيعى»، بما يفيد أنها عملية تنطوى على قهرية معينة سواء فى اللغة أو الواقع، بالسعى لجعل غير الطبيعى بحكم الحقيقة والتاريخ والجغرافيا أمرا طبيعيا دون منطق معقول، فالأصل فى التطبيع فى علاقات طرفين متصارعين أن يكون نتيجة للسلام وليس سببا له، وإلا فلا يوجد ما يلزم أحد الطرفين به إذا كان سببا وليس نتيجة!.

وبناء عليه فإن إسرائيل قد خسرت الكثير من محاولات التطبيع مع الدول العربية، وصارت دولة مكروهة وإن كانت تسعى رسميا للتطبيع من جانبها، فإن الدول العربية التى أعلنت فرحتها بضرب إسرائيل لا تسعى شعبيا لهذا التطبيع، ولا تقبل عليه، وهى الخسارة الكبرى من جراء الضربة الإسرائيلية لإيران مرة والحرب على غزة أولا وأخيرا!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة التطبيع الحكومي فكرة التطبيع الحكومي



GMT 18:02 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

حلبة من دون حبال

GMT 17:58 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

لماذا لم تتعلم إيران من درس حزب الله؟!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

نصفُ نصرٍ في حرب إيران ــ إسرائيل

GMT 17:55 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

التاريخ والواقع.. بين الفهم والتضليل

GMT 17:53 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

خامنئي ونتنياهو ومفاتيح ترمب

GMT 17:51 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

من هو والد الشرق الأوسط؟!

GMT 17:50 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

هل ستكون الحرب الأخيرة؟

GMT 17:48 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

ما البديل أمام «حزب الله»؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib